س: هل تؤمن الداهشيّة بألجحيم والنعيم ؟ ثم ماذا يعني الجحيم والنعيم بألنسبة للداهشيّة ؟
ج: نعم ان الداهشيّة تؤمن بوجود عوالم عبّرت عنها الكتب السماويّة بأسم ( الجحيم والنعيم ) , وهذه العوالم هي كواكب ماديّة تعد بمليارات لا تحصى , من بينها تلك ألآلاف التي نستطيع مشاهدتها مبثوثة في رحاب السماء . وقد عرفت الداهشيّة , عن طريق الروح , أن هذه العوالم الماديّة جميعا” لها كائناتها وأشكالها وأنظمتها الحياتيّة ومقاييسها وقوانينها الخاصة التي قد تختلف اختلافا” عظيما” عما نعرفه في كوكبنا . وبعضها يفيض بسعادة فائقة , وبعضها يزخر بشقاء رهيب . وانما ألأرض مدرسة ذات درجة روحيّة معيّنة , يلأتيها ألأنسان الذي يستحقّها , أي الذي تكون درجته الروحيّة بمستوى درجتها , فيتزوّد منها بمعارف شتّى ويخضع فيها لتجارب كثيرة , منها تجارب الغرور والكبرياء والمطامع والشهوات , فاما أن ينجح في امتحاناته تلك وينتصر في نفسه الخير على الشرّ والفضيلة على الرذيلة , أو يسقط في امتحاناته . والداهشيّة تؤمن بأن كل كائن في ألأرض يستمر في البقاء فيها بعد موته , متنقلا” من دور حياتيّ الى دور آخر , متخذا” في كل مرحلة , شكلا” ووضعا” حياتيا” يتناسب وأعماله في حياته السابقة , حتى يبلغ حدا” معينا” يتوجب وراءه امّا ألأرتقاء الى كوكب أرقى وأفضل يكون درجة من درجات النعيم , أو الهبوط الى كوكب أحط وأسفل يكون دركة من دركات الجحيم , وذلك بنسبة أعماله في ألأرض , وهكذا يستمرّ في كل كوكب جديد هبوطا” أو صعودا” , تبع نجاحه في مقاومة تجاربه الجديدة أو فشله فيها , حتى يدرك , في نهاية ارتقائه , الكمال , ويبلغ الكوكب الروحانيّ ألأعظم , وعند ذلك يندمج بألخالق وتتم فرحته العظمى وسعادته المثلى , وهذا ما يسمّيه الهنود ” النيرفانا ” أي مطلب كل روح تندمج في النهاية بموجدها .
س: ما الفرق بين الروح والنفس ؟ ما هي شروط الجلسة الروحيّة وشروط ألأشتراك فيها ؟ وما هي شروط الوساطة الروحيّة ؟
ج: أوضحت سابقا” أن الروح طاقة فعّالة مدركة عظيمة لا يشوبها أي تكثيف ” ماديّ ” وهي بهذا المعنى لا توجد الاّ في ملاءها الروحاني الطاهر الذي لا يلطخه أي دنس , والكائن وراء ألأفلاك الماديّة كلها . ولكنها تتصل بألجسد بخيط روحيّ نوراني . أما النفس فهي مجموعة السيّالات الروحيّة الموجودة في كل أنسان . وقد أوردت ايضاحا” وافيا” عن السيّالات وتكثفها ” الماديّ ” ونسبتها الى الروح , اما اذا رغبت في المزيد من الفهم , فما عليك الاّ أن تشاهد الجلسات الروحيّة حيث تتوصّل الى ادراك هذه ألأمور بسهولة تامّة , وحيث تفتح أمامك أبواب موصدة يعجز العقل والعلم , ضمن حدودهما ألأنسانيّة , أن يعرفا ما وراءها . أما شروط الجلسة الروحيّة فهي في غاية البساطة : يكتب على رقعة من الورق ” بحق أللّه والنبي الحبيب الهادي أن يسمح لي بجلسة روحيّة ” , وترفق هذه العبارة برسم الرمز الداهشيّ ثم تطوى الورقة وتحرق . والكتابة كما ترى صلاة موجزة توجّه الى الخالق عزّ وجلّ ابتهالا” . أما حرقها فهو بمنزلة ذبيحة .فيكون الرمز , اذن , بكتابته وحرقه ( صلاة وذبيحة ) في وقت واحد . وطالب الجلسة الروحيّة عليه أن يكتبه ابتداء” من مطلع أي شهر أراده , ويستمرّ , مرّة في اليوم , حتى نهاية الشهر . واذ ذاك تعقد له الجلسة الروحيّة ويشاهد فيها من الخوارق ما يؤكد له أن عالم ألروح عالم حقيقيّ بكل ما تعنيه هذه الكلمة . وأللـّه سبحانه يعرف خفايا الصدور وحاجات الناس ورغباتهم , وبأستطاعته متى أراد أن يري البشر من المعجزات بواسطة الجلسة الروحيّة ما شاء , من دون أي وسيلة أو ابتهال , ولكن ألأنسان فرض عليه في كل عصر , بصفته مخلوقا” عابدا” ومؤمنا” تتوجب الطاعة عليه , فروض روحيّة عليه يؤدّيها , وانما كتابة الرمز وحرقه فرض روحيّ . وهذا لا يعني أن قيمة الجلسة الروحيّة محصورة في شكل ألأبتهال الكتابي المشار اليه , بل قيمتها في جوهرها لأن فيها تتم ظاهرات روحيّة لا يستطيع فلاسفة ألأرض وأساطينها الاّ الخشوع أمام عظمتها وجبروتها . وغاية هذه الظاهرات العودة بألأنسان الى ألأيمان الدينيّ الصحيح : ألأيمان بألخالق عزّ وجلّ , وألأيمان بأحكام أللـّه العادلة في الثواب والعقاب , وألأيمان بألأنتقال ( بعد الموت) الى عالم أفضل معد للأخيار المتّقين يكون فيه عزاء لهم وقدرة وسعادة ومجد , وألأيمان بضرورة فعل الخير وممارسة الفضيلة وألأرتقاء الروحيّ . وليس ضروريا” أن يكون حاضر الجلسة الروحيّة مؤمنا” بألداهشيّة أو بأمكان حدوث المعجزات , أو مترقّبا” حصولها , فقد يكون جاحدا” , معاندا” , ورغم جحوده ومعاندته , تحدث الخوارق وما يجب أن يتمّ يتمّ , لأن المعجزة حقيقة موضوعيّة واقعيّة لا علاقة لها بوضع الشخص النفسي وأستعداداته لتقبّاها , وهي ليست معدّة , كما يظن بعضهم , لأن يراها فقط قابلو ” التأثر وأأيحاء ” , فهذا الزعم باطل يدحضه مئات الجلسات الروحيّة التي عقدتها وشاهد فيها مئات ألأشخاص من المشككّين والمعاندين معجزات باهرة . والجلسات الروحيّة التي أعقدها ليست علما” , وما كنت لأستطيع القيام بها من غير أذن أللّه , فهي منحة سماويّة خصّني تعالى بها في هذا العصر , ليكون فيها مساعدة للتائقين الى الحقيقة وللراغبين في ألأيمان وألأستقامة والتوبة . أما ” الوساطة الروحيّة” التي تسأل عنها والتي يدّعيها بعض الناس المحترفين كوسيلة مزعومة لأستحضار ألأرواح , فهي بعيدة عن الجلسات الروحيّة التي أعقدها بعد ألأرض عن السماء , وما عليك الاّ أن تحضر , بعينين مفتحتين وذهن نابه , جلسة من جلسات أولئك القوم , ثم تحضر جلسة روحيّة , حتى تدرك الفرق العظيم وكيف يختلط الظلام بألنور ويلتبس الحقّ بألباطل في أذهان الناس ! ذلك بأن ” الوساطة الروحيّة ” المزعومة ليست في الحقيقة الاّ شعوذة وتدجيلا” قد ينطليان على بسطاء العقول انما لا ينطليان على ألأذكياء المستنيرين . وليس من غاية لدى الذين يدّعونها الاّ غاية ابتزاز ألأموال من السذّج . والداهشيّة تفنّد ببراهين ساطعة لا يمكن النيل منها سفسطات أول~ك المشعوذين المحترفين الذين يضلّلون الناس بتوافه الحيل والمخرقات والذين هم أعجز من أن يعطوا حتى دليلا” ضئيلا” واحدا” على صحّة أعمالهم ألأحتياليّة .
س: لم اختارتك الروح , في هذا العصر ,لتحل فيك دون سواك من الناس؟و لم يحاربك الكثيرون؟
ج: جاء في كتاب الله العزيز :(رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاقي )(سورة غافر آية 15) . ثم أية حقيقة ظهرت في الأرض و ما عارضها أعداء كثيرون ؟ لو كانت الأرض كلها نورا” لما احتاج الناس الى نور, و ما دام الظلام قائما” , فالصراع مستمر بين النور و الظلام.
س: كيف يمكن التحقق من وجود الروح ؟
ج: يمكن التحقق من وجود الروح عن طريق المعجزة . فألمعجزة من آثارها , وآثار الشيء تنبأ عن وجوده . أنك لا ترى الريح ولكنك تشعر بوجودها أذا ما رأيت الغصن يتحرّك أو وجهك يلفح . هل يستطيع البشر لو اجتمعوا بملياراتهم و اعملوا عقولهم و أدويتهم و اختراعاتهم أن يستحضروا مثلا” , و بغير أية وسيلة مادية , حصانا” او ساعة او أي شيء آخر عن بعد عشرات الكيلومترات أو مئاتها؟! انهم لن يستطيعوا ,لكن الروح تستطيع ذلك. فعن طريق أعمالها المعجزة يمكنك أن تتحقق من وجودها و قدرتها .
س: ألا يمكن أن تتعارض الحقائق الروحيّة مع الحقائق العلميّة , وأذا كان الجواب بألنفي فلما يظهر تناقض بين ما تعلنه الكتب المقدّسة وبين ما تعلنه العلوم ؟ .
ج: لا يمكن ذلك أذا كانت حقائق العلم قد أصبحت مستقرّة ونهائيّة , وأذا عنيت بألحقائق الروحيّة ما أنزلته الروح لا ما وضعه الناس . لأن الحقيقة واحدة . هذا , والتناقض أن وقع , كائ، بين عقول المفسّرين والمجتهدين والباحثين وليس بين الحقائق الروحيّة والحقائق العلميّة . وقد يعود أيضا” الى تحريف النصوص في الكتب المقدّسة أو تحريف الحقيقة العلميّة .
س: ينسب الداهشيّون المعجزات التي تجترحونها الى قّوّة روحيّة تحتلّكم من حين الى آخـر.
فألمعجزة تعني , أذن , تأثير قوّة روحيّة في المادة , فكيف يمكن عقليا” ومنطقيا” , أن يفسّـر تأثير شيء في شيء من غير طبيعته ؟ ثم كيف تحتلّكم الروح ما دامت الروح في جسم ألأنسان ؟ ج: لم يستطع السالفون من الباحثين أن يصيبوا الهدف عندما قسموا القوى المبثوثة في الكون الى ماديّة وروحيّة , أذ أنهم بتكريسهم للمادة وجودا” نهائيا” مستقلا” فضلا” عن وجود الروح , جعلونا أمام نقيضين يستحيل التفاعل بينهما , أذ أن النظريّة الثنائيّة تمنح المادة طبيعة أساسيّة تختلف عن طبيعة الروح . وفي سبيل الربط بين هذين النقيضين في ألأنسان , أخذوا يلجأون الى تفاسير اعتباطيّة مصطنعة سرعان ما ظهر ضعفها المنطقي بحيث أدت الى نتيجة عكسيّة هي نشؤ الفلسفات الماديّة الحديثة النافية وجود الروح والقائلة بوجود واحد في الكون هو الوجود المادي . وحقيقة ألأمر أن ما نسمّيه ( مادة ) سواء كان حجرا” أو نباتا” أو حيوانا” أو أنسانا” أو غير ذلك , ليس سوى المظهر الحسي الذي تلتقطه حواسنا بطريقة مباشرة أو بواسطة ألألآت . وهذا المظهر الحسّي ليس له أي وجود مادي نهائي مطلق حتى على صعيد الذرّات , أذ أنه نسبي يتغيّر بنسبة ما تتغير الحواس التي تلتقطه . خذ مثلا” على ذلك صخرة معيّنة حجمها متر مكعّب . فأن حجم الصخرة وشكلها وصلابتها وحرارتها , كل ذلك حدّده التركيب المعيّن الذي عليه حاسة بصرك وحاسة لمسك . فأن حصل أي تغير في تركيب هاتين الحاستين تغير بألتالي معهما شكل الشيء المرئي وحجمه وصلابته وحرارته . افترض أن لك عينا تركيب عدستها أقرب الى تركيب عدسة مجهر يرى الشيء من خلاله مضخّما” مليون مرّة أكثر مما يرى بألعين المجرّدة , أو أنك من سكان كوكب عيونهم مركّبة ذلك التركيب . فأن الصخرة , أذ ذاك , ستفقد , أمامك , شكلها المألوف عند الناس فقدانا” تاما” , ليس فقط من حيث الحجم والضخامة , أنما أيضا” من حيث شكلها الخارجي الذي تلتقطه العين . فكم من نتؤات دقيقة , وخطوط وتعرّجات صغيرة وأوساخ وألوان خفية موجودة في الصخر و لكنها لا تبدو للعين المجردة, اذا بها عندئذ تظهر كبيرة جلية و تعطي الصخرة صورة جديدة و شكلا” لم تألفه العين العادية . فقد تبدو الصخرة آنئذ كسحابة شفافة عظيمة, كما يبدو كل ما يحيطها من أشياء أشبه بأبخرة أو سحب. و هكذا يمكنك ان تتخيل الصور الغربية التي ستبدو عليها الاشياء اذا ما راحت حواسك جميعا”تتبدل أجهزتها. و ان نسبية الاوضاع المادية أكدها العلماء الحديثون ابتداء من أينشتاين, و لكن الداهشيةأدركتها عن طريق المعرفة الروحيّة بطريقة مسبقة , كما أدركت غيرها من الحقائق مما لم يتوصّل العلم الى كشفه بعد . وقصارى القول أن ما سمّى ( مادة ) ليس ألاّ وجودا” ماديّا” نسبيّا” يخفي مظهره الحسّي طاقة لا مادّية هي , أساسا” قوام الموجودات كلّها وهذا الوجود أللامادي وأللامرئي لم يستطع العلم حتى ألآن أن يدرك منه الاّ ما يسمّى بألطاقات الكهربائيّة المغناطيسيّة التي يتألف الكون كله منها . ولكن هذه الطاقات نفسها ليست سوى الحركة الفاعلة لما يسمّيه الداهشيّون ( السيّالات) الروحيّة المبثوثة في الكون ( المادّي) كله. وعلى صعيد هذه( السيّالات) تتوحّد طبيعة القوى الروحيّة وهي التي في مناطق ما وراء العوالم ( الماديّة) وطبيعة القوى ( الماديّة) . انما يبقى بينها الفرق ما بين ألأعلى وألأدنى وألأقوى وألأضعف في الطاقة والفاعليّة . وهكذا ينتفي العجب من السؤال . أذ أنه لدى حدوث معجزة ما , تفعل قوّة لا ماديّة في قوّة أخرى هي لا ماديّة أنما أتخذت بألنسبة لحواس ألأنسان ووضعه التكويني مظهرا” ماديّا” . أمّا الروح فهي طاقة فعّالة مدركة عظيمة لا يشوبها أي تكثيف ( ماديّ) . وهي , بهذا المعنى لا توجد ألاّ في عالمها وراء ألأفلاك الماديّة كلّها . وهي من أمر أللّـه تعالى . والى ذلك أشار القرآن الكريم اذ قال : ( ويسألونك عن الروح قل ألروح من أمر ربّي وما أوتيتم من العلم ألاّ قليلا ) . ( سورة ألأسراء آية 85 ) . وألأنسان لا تسكنه روح بهذا المعنى ,انما جسده يتألّف من (سيّالات روحيّة ) , أي قوى اشعاعيّة مكثّفة , ومظهرها المكثّف هو ما نسمّيه( مادّة ) . وهذه السيّالات بجوهرها الروحيّ ومظهرها المكثّف ( المادّي) هي سبب الوحدة ( النفسيّة _ الماديّة ) في ألأنسان . فضلا” عن ذلك فألسيّالات الروحيّة ليست وقفا” على ألأنسان بل هي قوام الموجودات كلّها , وما الوحدة التي أكتشفها العلم بين ألأنسان والحيوان والنبات والجماد ألاّ نتيجة وجود هذه السيّالات في مظاهر الكوّن جميعها . وقد عرفنا بطريقة روحيّة أ، ألأختلاف بين ألأشياء والكائنات في تكوينها وطبائعها يعود الى تباين السيّالات التي تكونها في لطافتها وكثافتها وقوّتها وضعفها , وبتعبير آخر الى رقيّها الروحيّ أو أنحطاطها . أن التفسير الروحيّ الذي تعطيه الداهشيّة , أذا أنتصر في أذهان الناس , قلب المفاهيم والمقاييس والقيّم في العالم أجمع , لأن نقطة البداية وألأرتكاز في تفسير القضايا والمبادىء والموجودات وتقييمها لن تكون أذ ذاك ماديّة بل روحيّة . لا سيما أن التفسير الداهشيّ يلتقي والعلم على صعيد واحد . هذا , أذ قصدنا بألعلم , العلم الصحيح الذي بلغ مرحلته النهائيّة الصائبة , أو العلم في ما يمكن أن يصل اليه أن أتيح له , تقدّم مستمر , ذلك بأن الداهشيّة تدرك . مسبقا” , عن طريق الروح , ما يدركه العلم عن طريق البحث والعقل أن تأتت له القدرة على ذلك .