الدكتور داهش
لقد توارى عام 1935 بآلامه المبرحة،
و شؤونه المدلهة، و أحداثه القاتمة المرعبة.
و ها انا ألج باب العام الجديد بقلبٍ واجفٍ خَافق،
و نفسٍ حزينةٍ حَيْرى،
و روحٍ تائهةٍ في فضاءِ المجهول،
و دموعٍ مدرارةٍ حَرّى،
و كيانٍ تتوزَّعُه شتَّى الميول المتضاربة،
و جسدٍ يتنازعه كثيرٌ من الرغباتِ غير المستحبَّة…
و لكنّي أشعر في قرارة نفسي
بصوتٍ جبَّارٍ تهتزُّ منه أعصابي،
و ينخلع له فؤادي،
و هو يهيب بي لأن أسحق تحت موطئ قدميّ
أفاعي التمنِّيات المرعبة الشوهاء،
و أن أقوّض جميع الأعمال الغير المرضية
التي حاكتها يدي تحت جناح ليالي العام البائد،
و أن احاول جُهد المستطاع،
أن أتغلَّب على ضعفي البشريّ الموروث،
و أن لا أقدم على أعمالٍ
يتندَّى لها جبيني خجلاً و حياءً،
و كيلا أقف يوماً أمام نفسي الخفية الحكيمة
موقفَ الذُّلِّ و المهانة،
و هي تحاكمني على ما اقترفته
من إثمٍ رهيبٍ و نقيصةٍ بالغة،
ثم تحكم عليّ بعذابِ الضمير عذاباً أبدياً، و آلام الروح آلاماً سرمدية،
ثم الابتعاد عن وجه النور،
وجه الحقيقة،
وجه السعادة،
وجه السناء،
وجه البهاء،
وجه الأملِ العذبِ المرتجى،
وجه ما ينشده الماء و الهواء و الفضاء و السماء،
وجه من يتطلَّع إليه جميع الأحياء دون استثناء،
وجه من تتمنَّاه جميع المخلوقات معروفها و مجهولها،
وجه الحقيقة الحقَّة العادلة،
وجه الخالق عزَّ و جلّ.
اللهم قوِّني، و سدِّد خطواتي نحو طريق الفضيلة و الكمال،
و لا تحجب نورك المرشد من امامي،
كي لا أتعثَّر، بعد ذلك، في
طريق الظلام الشامل،
و كي لا أُقاد على مهاوي الجريمة و الفساد،
ودعني بقوَّتك الإلهاميَّة،
أن أسير سيراً ترضاهُ الفضيلةُ و تطمئنُّ له أعماقي الخفيَّة،
فأسعَدَ، بَعد انقضاءِ أيامي القصيرة المحدودة،
و أذهب هناك حيثُ لا كآبةَ و لا عَنَاء،
بل كلُّ سعادةٍ و هناء.
31 كانون الاول 1935
موسيقى الأيام الآتية
إتبعينــي, يـا بنيّتـــي,
لنذهــب إلـى ( بيــت اللّـــه )
كان وجهها البهي مشرقاً كالشمس، رائعاً كالبدر، فهي وحيدة والديها اللذين يعبدانها بعد الله. فهما لا يردان لها طلباً ولو فيه مشقَّة بالغة،
في القدس , مدينة الانبياء , ولد الدكتور داهش , في مطلع حزيران سنة 1909
والده موسى الياس اليشي (نسبة الى اليشع النبي) ,
في عصر التقدُّم التكنولوجي والتطوُّر السريع، وتماشيَّاً مع الثورة الرقميَّة في طريقة نشر المعلومات، والتكيُّف مع إحتياجات العصر الرقمي وتحوُّل الصحافة التقليدية، برزت المجلَّة الإلكترونيَّة، تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنيَّة، وتربط الأفراد في جميع أنحاء العالم،كوسيلة إعلاميَّة وديناميكيَّة وتفاعليَّة لتوصيل المحتوى ومُشاركته مع أكبر عددٍ من القرَّاء، أصحاب العلم ومُحبِّي المعرفة والباحثين عن الحقيقة، في أقصر وقتٍ ممكن.
ومع ظهور هذا الكَّمِّ الهائل من وسائل الإعلام والتواصل العالمي والتبادل الثقافي، لنشر الثقافات ووجهات النظر والأفكار المتنوعة، وبغياب الرقابة والمهنيَّة والموضوعيَّة في النشر، كَثُرَ انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المُزيَّفة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية محو الأمية الإعلاميَّة، والحاجة الى الاعتبارات الأخلاقيَّة.
كان لا بُدَّ لنا من فتحِ نافذةً نطلُّ بها على هذا العالم المليء بالتحديَّات إثراءً للنسيج العالمي للفكر الإنسانيّ والتجربة الإنسانيَّة، بإنشاء مجلَّة فكريَّة ثقافيَّة هادفة، تتجاوز الحدود التقليديَّة، تحتضن ثراء الفكر وتوفّر منصَّة لتبادلِ الأفكارِ العميقة والمواضيع المثيرة للثقافة الإنسانيَّة، فكانت مجلَّة نارٌ ونور.
مجلَّة نارٌ ونور، ليس مجرَّد خيار؛ بل هو تعبير عن التزام وتقدير، عربون وفاء لصاحب الوعي الروُّحيّ، إلقاء الضوء على المفهوم الداهشيّ وإظهار الصورة الحقيقة لصاحبه، بنشر تعاليمه وكتاباته التي تجاوزت فيها مؤلَّفاته المئة والخمسين مُجلَّداً، صاحب الرسالة الروحيَّة التي تحمَّل في سبيلها الأمرَّين، غريبٌ في أرضٍ غريبة، يعيشُ الحياة المُثلى، يحمل على جراحه وآلامه نور الهداية للعالم. تدخل رِحاب معبده المُقدَّس لتقفَ وجهاً لوجه أمام الحقيقة الصَّادقة الصَّادمة.
مجلَّة نارٌ ونور، مساحةٌ يلتقي فيها العمق بالجوهر لتعزيز النمو الفكريّ، وتقديم نماذج للفكر والأدب الراقي، بعيداً عن سطحيَّة الكلمة في السرد الثقافي، وتفتح المجال واسعاً أمام القرَّاء بتوسيع وجهات نظرهم والإنخراط في تفكيرٍ يتخطَّى المعقول، كما تحفيزهم على التفكير والكتابة. وذلك من خلال نشر الأبحاث والدراسات والمقالات التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية والثقافية من منظورٍ إنسانيّ وروحيّ وتحليلها بشكلٍ أكثر عمقًا.
في قلب مجلَّة نارٌ ونور، تكمن مهمة التنوير العميقة. تسعى جاهدة لجمعِ أقلام الداهشيِّين من أدباءٍ وشعراءٍ وأصحاب فكرٍ، شتَّتهم الأيام، وأبعدتهم المسافات، فأصبحوا غرباءً في عالمهم. تفتح لهم نافذةً للتعبير عن تجاربهم مع الحقيقة، تُلامس مشاعرهم بالتواصل العميق للرُّوح والنَّفس، تُحاكي إنسانيَّتهم بشكلٍ فعّال مع الحياة والوجود، ومشاركتهم معرفتهم الروحيَّة المُقتبسة من النبي الحبيب الهادي.
مجلَّة نارٌ ونور، نورٌ لا نار فيها، أنوارٌ ساطعةٌ باهرة تنشُرها أمام عقول قرائها، تقدِّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر والأفكار والرؤى الثقافية، بهدف إحياء وتجديد إيمان الإنسان بالله والقيم الروحيَّة، في الحقيقة والنَّفس والرُّوح، مفاهيمٌ لم يألِفوها، بعيدة عن الغوغائيَّة الكلاميَّة، مدعومة بالبراهين الساطعة، مؤيَّدة بالتزامٍ أخلاقي في السرد والنقل والشهادة. تفتح المجال في السؤال والجواب، للساعين وراء المعرفة، بالتواصل المُباشر مع أصحاب الآراء والكتابات والمقالات.
مجلَّة نارٌ ونور، توفّر منصَّة للفنانين، تُشجِّع المُبدعين، تفتح فرصة لعرض وتقديم وتسليط الضوء على إبداعهم في المجال الفنِّي، سواء كانت لوحات فنيَّة، صور فوتوغرافية، أو أي نوع آخر من الفنون التشكيليَّة. تُساعد في فهم خلفياتهم الفنيَّة وإلهام القرَّاء بتفاصيل حياتهم، تنشر مقالات وتحليلات تقييميَّة لأعمالهم، مما يساهم في إبراز الجوانب الفنيَّة والفلسفيَّة لها، ويساعد في توجيه القراء نحو فهم عميق للفن.
هيئة التحرير.
الحياة سفينة عظيمة رائعة تمخر في بحر ماؤه ألآثام , وأمواجه الشهوات البهيميّة , وشطآنه النهاية المؤلمة .
الدكتور داهش