حسين يونس
رحلَ فريدُ مُبتسِماً، ولم يعُد، وعلى الأرحج أنَّه لن يعود، فقد انتصرت ذاته الفُضلى على الشرِّ الكامن في نفوسنا، وحطّمَ قيود المادَّة التي أسرتنا لمئاتٍ من السنين، نهض من بين ركام تقاليدنا فكسَّرها، أبالسة الدنيا لم تنل منه ليجوس ربوع الرذيلة ,ولم تُخضعه لسلطانها.
فلا الفتيات الدعجاوات أغرته بجمالهنَّ وأنوثتهنَّ ولا بدلالهنَّ وفتنتهنَّ، وهو مازال في ريعان الشباب، حيثُ كان طيف الصبية يأسر العقول ويذهبُ بالألباب، فتكتوي القلوب من لوعة الفراق حسرةً على أمل اللقاء.
ولا المال الذي أتاه صاغراً تملَّك منه، وهو ابن الحسَبِ والنسب، ومن عائلةٍ ميسورة، تكتنز المال، وتبيع العقارات، وتعيش في رغدٍ وبحبوحة، فكان له الوسيلة لعمل الخير مع أضعف خلقِ الله, وفيما بعد، باباً من أبواب الجهاد والتضحية في سبيل اعلاء كلمة الحقِّ والنور واليقين.
ولاالعلم الرفيع الذي كبَّ على نهله أجحده عن معرفة الله والأديان، فكان عالماً بها، ينهل من معينها فلسفةً ، عمادها الأخوة الأنسانيَّة، وهدفها الخلاص من براثن الشرِّ المحيط بنا، المتمثِّلة بالعصبيَّات الطائفيَّة والمذهبيَّات الأثنيَّة، والتي تختلجُ به نفوسنا، وبتحريضٍ من آباءنا وأجدادنا، الى أن قيَّض الله له نوراً الهيّ يدعو الى وحدة الأديان، فكانت له منارةً يهتدي بها في بحور الظلمات، مُلتزماً الأخلاق الحميدة.
ولا الطبُّ الذي أمتهنه أبعده عن مساعدة الفقراء والمحتاجين، فهم اخوةً لنا امّا في الدين أو الأنسانيَّة، جارت عليهم الأيَّام، فكان يعمل على التخفيف من معاناتهم، راسماً بسمةً على شفاههم التعيسة، مُبرداً حرارة لوعتهم بكلماتٍ تواسيهم، وتزرع الأمل في نفوسهم.
ولا ذو القربى استطاعوا أن يلزموه تقاليدهم وعاداتهم التي تربُّوا عليها، وتهديدهم بحرمانه من ميراثٍ لا يُغنِ ولا يُشبع مهما كثر، ولا نبذٍ من طائفة ، لم يأبه بوالدين شبَّ في كنفهما، ليس ظلماً ولا قلَّةَ وفاء، انما نصرةً للهادي الحبيب الذي رأى فيه نور الله المُتجلِّي لأبناء الشرِّ الوضيع.
ولا رجال الدين بسلطانهم الكهنوتيّ والقابضين على الدين استطاعوا أن يخضعوه لمآربهم ،وهو العارف، والعالم ، مُبيِّناً اختلاف الأصل عن تحريفهم للتعاليم السماويَّة والوصايا الألهيَّة، وما ذلك الاَّ لأبتزاز الناس وأموالهم ليكدِّسوها في قوة سلطانهم، فشهر سيف الحقِّ في وجه المتألِّهين من رجال فقهٍ وكهنوت، هزء بهم حين كان منفرداً، هاجمهم حين قلَّت الرجولة واختبأ الرجال، وعمِلَ على كشف خزعبلاتهم وأضاليلهم، غير عابىءٍ بظلمٍ ولا بطردٍ من كنائسهم، لعلمه اليقين أنَّه على حقّ، وهم على خطأ.
ولا وعودَ أو اغراءاتَ رجال السياسة بزيادة راتبه ومنحه المراكز الرفيعة في الدوائر الرسميَّة أغرَّته ليتنسَّم منها مراكزاً أعلى وأرفع، ولم يتمكنوا من استمالته اليهم، أو فرض سلطتهم عليه، وهو الأبيِّ الكريم، وهم المُسخِّرين للسلطة والدين لتنفيذ مآربهم والأنقضاض على الدستور بحجَّةِ الأمن والسلام ليحل على النفس الأنسانيَّة، والمُتَّخذين من قوانينهم الغير مرعية الأجراء قوَّةً للأنقضاض على الفقراء والضعفاء المساكين، ونهب المال العام.
رحل فريدُ مُبتسماً، ولم تُلِنْ من عزيمته الأعتداء عليه واهانته ثمَّ ضربه وسجنه، ، لم تثنه تهديداتهم وعويلهم، ولم يأبه بسلطتهم وسلطانهم، ولم تُغره اغراءاتهم، ولم يغيِّر ذلك في شيءٍ من ايمانه، وهو الصخرة التي ستُبنى عليها وحدة الأديان. لم يرحم قوتهم وهم الوصوليين، ، وقف في وجه دولةٍ ظالمة، بما تمثِّله من قياداتَ وأفراد، ورجال دينٍ ودولة، في حين لم يجروء الآخرين. ولم تنفع معه محاولاتهم لأسكاته عن قول كلمة حقِّ في رجل السماء البار، والوقوف معه في الضرَّاء قبل السرَّاء، فكان الرفيق الأمين، والمخلص الوفي، والمجاهد الصنديد، كان القوي الجبَّار، الحكيم وصاحب الحكمة، كان النور وسيف الحقِّ البتار الذي اشترى خلاصه من عالم الكذب والرياء، والحياة الفانية، بعوالمٍ من نور، وسعادةٍ أبديَّة.
رحل فريد مُبتسماً، بعد أن كسر قيود الجهالةِ، مُبشراً بنور الهدى، مصباح النجاة، يُنيرُ أمامنا طريق الهداية والسماء.
كوانزو 20 نيسان 2017
كلمتي فلذةٌ من كبدي
وسار الشاب برفقة والده على رصيف الشاطئ البحري، حيث تنسما الهواء العليل وهما يشاهدان طيور النورس المصطبغة أجنحتها ذهبا بانعكاس أشعة شمس الغروب الحمراء.
لاحظ والد يزيد الكآبة البادية على وجه ابنه المسكين.
في عصر التقدُّم التكنولوجي والتطوُّر السريع، وتماشيَّاً مع الثورة الرقميَّة في طريقة نشر المعلومات، والتكيُّف مع إحتياجات العصر الرقمي وتحوُّل الصحافة التقليدية، برزت المجلَّة الإلكترونيَّة، تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنيَّة، وتربط الأفراد في جميع أنحاء العالم،كوسيلة إعلاميَّة وديناميكيَّة وتفاعليَّة لتوصيل المحتوى ومُشاركته مع أكبر عددٍ من القرَّاء، أصحاب العلم ومُحبِّي المعرفة والباحثين عن الحقيقة، في أقصر وقتٍ ممكن.
ومع ظهور هذا الكَّمِّ الهائل من وسائل الإعلام والتواصل العالمي والتبادل الثقافي، لنشر الثقافات ووجهات النظر والأفكار المتنوعة، وبغياب الرقابة والمهنيَّة والموضوعيَّة في النشر، كَثُرَ انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المُزيَّفة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية محو الأمية الإعلاميَّة، والحاجة الى الاعتبارات الأخلاقيَّة.
كان لا بُدَّ لنا من فتحِ نافذةً نطلُّ بها على هذا العالم المليء بالتحديَّات إثراءً للنسيج العالمي للفكر الإنسانيّ والتجربة الإنسانيَّة، بإنشاء مجلَّة فكريَّة ثقافيَّة هادفة، تتجاوز الحدود التقليديَّة، تحتضن ثراء الفكر وتوفّر منصَّة لتبادلِ الأفكارِ العميقة والمواضيع المثيرة للثقافة الإنسانيَّة، فكانت مجلَّة نارٌ ونور.
مجلَّة نارٌ ونور، ليس مجرَّد خيار؛ بل هو تعبير عن التزام وتقدير، عربون وفاء لصاحب الوعي الروُّحيّ، إلقاء الضوء على المفهوم الداهشيّ وإظهار الصورة الحقيقة لصاحبه، بنشر تعاليمه وكتاباته التي تجاوزت فيها مؤلَّفاته المئة والخمسين مُجلَّداً، صاحب الرسالة الروحيَّة التي تحمَّل في سبيلها الأمرَّين، غريبٌ في أرضٍ غريبة، يعيشُ الحياة المُثلى، يحمل على جراحه وآلامه نور الهداية للعالم. تدخل رِحاب معبده المُقدَّس لتقفَ وجهاً لوجه أمام الحقيقة الصَّادقة الصَّادمة.
مجلَّة نارٌ ونور، مساحةٌ يلتقي فيها العمق بالجوهر لتعزيز النمو الفكريّ، وتقديم نماذج للفكر والأدب الراقي، بعيداً عن سطحيَّة الكلمة في السرد الثقافي، وتفتح المجال واسعاً أمام القرَّاء بتوسيع وجهات نظرهم والإنخراط في تفكيرٍ يتخطَّى المعقول، كما تحفيزهم على التفكير والكتابة. وذلك من خلال نشر الأبحاث والدراسات والمقالات التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية والثقافية من منظورٍ إنسانيّ وروحيّ وتحليلها بشكلٍ أكثر عمقًا.
في قلب مجلَّة نارٌ ونور، تكمن مهمة التنوير العميقة. تسعى جاهدة لجمعِ أقلام الداهشيِّين من أدباءٍ وشعراءٍ وأصحاب فكرٍ، شتَّتهم الأيام، وأبعدتهم المسافات، فأصبحوا غرباءً في عالمهم. تفتح لهم نافذةً للتعبير عن تجاربهم مع الحقيقة، تُلامس مشاعرهم بالتواصل العميق للرُّوح والنَّفس، تُحاكي إنسانيَّتهم بشكلٍ فعّال مع الحياة والوجود، ومشاركتهم معرفتهم الروحيَّة المُقتبسة من النبي الحبيب الهادي.
مجلَّة نارٌ ونور، نورٌ لا نار فيها، أنوارٌ ساطعةٌ باهرة تنشُرها أمام عقول قرائها، تقدِّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر والأفكار والرؤى الثقافية، بهدف إحياء وتجديد إيمان الإنسان بالله والقيم الروحيَّة، في الحقيقة والنَّفس والرُّوح، مفاهيمٌ لم يألِفوها، بعيدة عن الغوغائيَّة الكلاميَّة، مدعومة بالبراهين الساطعة، مؤيَّدة بالتزامٍ أخلاقي في السرد والنقل والشهادة. تفتح المجال في السؤال والجواب، للساعين وراء المعرفة، بالتواصل المُباشر مع أصحاب الآراء والكتابات والمقالات.
مجلَّة نارٌ ونور، توفّر منصَّة للفنانين، تُشجِّع المُبدعين، تفتح فرصة لعرض وتقديم وتسليط الضوء على إبداعهم في المجال الفنِّي، سواء كانت لوحات فنيَّة، صور فوتوغرافية، أو أي نوع آخر من الفنون التشكيليَّة. تُساعد في فهم خلفياتهم الفنيَّة وإلهام القرَّاء بتفاصيل حياتهم، تنشر مقالات وتحليلات تقييميَّة لأعمالهم، مما يساهم في إبراز الجوانب الفنيَّة والفلسفيَّة لها، ويساعد في توجيه القراء نحو فهم عميق للفن.
هيئة التحرير.
الحياة
سفينة عظيمة رائعة تمخر في بحر ماؤه ألآثام , وأمواجه الشهوات البهيميّة , وشطآنه
النهاية المؤلمة .
الدكتور داهش