الخيال أهمُّ من المعرفة

ليست العبرة في كثرة القراءة، بل في القراءة المُجدية

منبر القرَّاء

"قصة إبنُ المُقَفّع جزء ٣- الأشقّاء الحَقيقيّون"

بقلم أحمد يونس

مونتريال، كندا 

 

,,, أ ,,,

إستيقَظتُ باكرا ً 

حَضّرتُ قَهوَتي العَرَبيّة  

دَخلتُ إلى غُرفَتي وجَلستُ 

أغمَضتُ عَينيَّ, وَرحتُ أتأمّلُ

في ذلك الحُلُم الغَريب العَجيب

الذي شاهدتُه في الليلة الفائتة

وهكذا كنتُ أَفتحُ عَينيَّ لأرشفَ قَهوَتي 

ثمَّ أُغمِضُ عَينيّ لأعودَ إلى التأمّل 

حتّى إبتلعتُ آخر قطرة

,,, ب ,,,

على غَير ِ عادَتي 

نَظرتُ في قعْر ِ الفنجان  

ورُحتُ أتأمّلُ  

فارتسَمتْ أمامَ نظري

دَعوة لزيارة الغابَة المُقَدّسَة حالا ً 

نَهَضتُ فَورا ً 

وانطَلقتُ دون أنْ أُقيمَ صَلاتي 

ولدى وُصولي 

 

وَجدتُ الأبوابَ مُشَرّعة ً أمامي 

وكأنّما أنا  

على وَشكِ حَفلَةِ إستقبال ٍ أميريّة 

وَقَبلَ أنْ أخطُوَ الخُطوَةَ الأولى  

بعدَ العَتبَة الذَهَبيّة 

وَصَلتْ فراشة زرقاء  

وحَطّتْ على كتفي 

وما تَرَكَتْ لي أيّ فُرصَة  

لأسألَ أو أنطق بتحية  

,,, ج ,,, 

بقوّتها الإعجازيّة 

حَمَلَتني وطارت بي 

فوق الأشجار المُلَوّنة السّاحرَة

والأحواض المَليئة بأنواع ِ الأزاهير

والتّلال المَغمورة بالمُروج الحريرية 

,,, د ,,, 

أوْصَلتْني إلى العَرش الأميري 

فَلَمْ أجدْ أميرا ً كعادتي 

ولكنّني رأيتُ كتابا ً ذهبيَّ الأوراق 

مَفتوحا ً كَجَناحَيّ نَسْر ٍ أُسطوري   

ينتظرُ مَنْ يَستحقّ القراءةَ فيه  

,,, ه ,,,  

فقالتْ ليَ الفراشةُ  

إنَّ هذا الكتابَ هو لكَ 

ومَنْ كَتبَه هو أنتَ نَفسُكَ 

ومَنْ أرسَلَه لكَ   

هو إبنُ المقفّع الثاني  

شَقيقُكَ الذي يعيشُ  

على كَوكَب ٍ آخَر غير عالَم الأرض  

ومَنْ نَقلَه إليكَ   

هو شَقيقُكَ الثالث  

إبنُ المُقَفّع الثالث   

الذي يَعيشُ على كوكب ٍ ثالث  

ومَنْ يَحرُسُه الآن  

هو إبنُ المُقَفّع الرّابع 

الذي جاءَ منْ كوكبٍ رابع  

,,,, و ,,,

وأكمَلَت الفَراشَة 

كلُّ واحدٍ منكم الأربعة  

هو نفسُ الآخرين

وأنتم تتواصَلون دوْما ً وتتعاوَنون

كي يُنجزَ كلُّ واحدٍ منكم 

رسالتَه في عالَمه حَيثُ هو 

وعندما يموتُ أحدُكم  

أيْ عندما تُغادر نفسُ أحدِكُم  

جَسدَها المادّي  

يأتي أبناءُ المقفّع الآخرون  

منَ الكَواكب الأخرى  

كي يستقبلونَها ويرافقونها   

الى الكوكب الذي سوف تتقمّصُ فيه  

بعدَ مُغادَرَتها اللباسَ التّرابي  

,,, ز ,,,

وهكذا تَستمرُّ الرّواية  

منْ حياةٍ إلى حياةٍ إلى حياةٍ   

إلى ما لا نهاية  

حتّى تَندَمجونَ منْ جَديد ٍ

في شَخصيّة واحِدَة كما كُنتُم

في قَديم ِ الزّمان

ويَكونُ لكُم  

عُرسٌ لا يوصَف 

سَعادَة, راحَة , طَمَأنينَة 

بَهَجات , لَذاذات , سَكَرات 

فَتَشكرون اللهَ الخالق

الذي سَمَحَ لكم أخيرا ً

بهذا الإندِماج الرّوحي الذي هو

غايَةُ الحُبّ

في رَحلَة الوُجود التي هَدَفُها 

الإندِماجُ الإلهي, الذي هو 

قِمّةُ الحُبّ المُطلَق الذي تَرجوه 

كُلُّ نَفس ٍ ,, وكُلُّ روح  

,,, ح ,,,

أمّا عنْ طريقة التّواصُل بينكم

فإنَّ ذلك يتمُّ من خلال

إشعاعاتٍ روحيّة سريعة 

جدا ً جدا ً جدا ً 

إنّها سُرعَةُ الرّوح التي هي

مئة ألف مَرّة أسرَع منَ الضّوْء 

,,, ط ,,,

وقبْلَ أنْ تُنهي الفَراشةُ كَلامَها 

رأتْ في أعماق ِ السّماء ِ 

سفينة ً ناريّة نوريّة ضَوئيّة 

تقتربُ سريعا ً 

وتحُطّ على سَفْح ِ الجّبَل 

فقالت لي 

هل تَرى تلكَ السّفينة ؟

وهل تَعرف ما هي ؟

وما هي مُهمتها ؟

ومَنْ هو المَلاكُ الذي يَقودُها ؟

ومِنْ أين تأتي وإلى أين تعود ؟

  فأجَبتُها 

إنّي لا أرى ولا أسْمَع ولا أشعُر

ولا أفكّر ولا أفهَم

ولكني

ولكنّني أرى يَدا ً سِحريّة أثيريّة 

رَقيقة لَطيفة نَقيّة بِلّوْريّة ناريّة

 تمتدُّ إلى ثنايا جَسَدي التّرابي الفاني

 البالي الزّائل الشائخ الآني المُتعفّن

لتقطفَ نفسي الرّوحية الخالدة  

التي هي جَسَدي الرّوحي الحَقيقي 

,,, ي ,,,

رَحمَةُ الله عليكَ يا إبنَ المُقَفّع

إنّا لله وإنّا إليهِ راجِعون

ولتَكنْ جَنّةُ الله مَأواكَ وَمَثواكَ ..

 

إقرأ أكثر

منبر القرَّاء

كلمتي فلذةٌ من كبدي

سأبني لك فوق راحة كفي عرشاً
و أحيل أصابعي إلى أسْوارٍ تحميه
داهشٌ يــــا نورَ الحقّ والحقيقَةِ بعينِ الزمانْ
 يا رياضَ المِسكِ والعُنفوان، لستَ دائي، بل دوائي

هدف المجلّة

في عصر التقدُّم التكنولوجي والتطوُّر السريع، وتماشيَّاً مع الثورة الرقميَّة في طريقة نشر المعلومات، والتكيُّف مع إحتياجات العصر الرقمي وتحوُّل الصحافة التقليدية، برزت المجلَّة الإلكترونيَّة، تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنيَّة، وتربط الأفراد في جميع أنحاء العالم،كوسيلة إعلاميَّة وديناميكيَّة وتفاعليَّة لتوصيل المحتوى ومُشاركته مع أكبر عددٍ من القرَّاء، أصحاب العلم ومُحبِّي المعرفة والباحثين عن الحقيقة، في أقصر وقتٍ ممكن.

ومع ظهور هذا الكَّمِّ الهائل من وسائل الإعلام والتواصل العالمي والتبادل الثقافي، لنشر الثقافات ووجهات النظر والأفكار المتنوعة، وبغياب الرقابة والمهنيَّة والموضوعيَّة في النشر، كَثُرَ انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المُزيَّفة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية محو الأمية الإعلاميَّة، والحاجة الى الاعتبارات الأخلاقيَّة.

كان لا بُدَّ لنا من فتحِ نافذةً نطلُّ بها على هذا العالم المليء بالتحديَّات إثراءً للنسيج العالمي للفكر الإنسانيّ والتجربة الإنسانيَّة، بإنشاء مجلَّة فكريَّة ثقافيَّة هادفة، تتجاوز الحدود التقليديَّة، تحتضن ثراء الفكر وتوفّر منصَّة لتبادلِ الأفكارِ العميقة والمواضيع المثيرة للثقافة الإنسانيَّة، فكانت مجلَّة نارٌ ونور.

مجلَّة نارٌ ونور، ليس مجرَّد خيار؛ بل هو تعبير عن التزام وتقدير، عربون وفاء لصاحب الوعي الروُّحيّ، إلقاء الضوء على المفهوم الداهشيّ وإظهار الصورة الحقيقة لصاحبه، بنشر تعاليمه وكتاباته التي تجاوزت فيها مؤلَّفاته المئة والخمسين مُجلَّداً، صاحب الرسالة الروحيَّة التي تحمَّل في سبيلها الأمرَّين، غريبٌ في أرضٍ غريبة، يعيشُ الحياة المُثلى، يحمل على جراحه وآلامه نور الهداية للعالم. تدخل رِحاب معبده المُقدَّس لتقفَ وجهاً لوجه أمام الحقيقة الصَّادقة الصَّادمة.

مجلَّة نارٌ ونور، مساحةٌ يلتقي فيها العمق بالجوهر لتعزيز النمو الفكريّ، وتقديم نماذج للفكر والأدب الراقي، بعيداً عن سطحيَّة الكلمة في السرد الثقافي، وتفتح المجال واسعاً أمام القرَّاء بتوسيع وجهات نظرهم والإنخراط في تفكيرٍ يتخطَّى المعقول، كما تحفيزهم على التفكير والكتابة. وذلك من خلال نشر الأبحاث والدراسات والمقالات التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية والثقافية من منظورٍ إنسانيّ وروحيّ وتحليلها بشكلٍ أكثر عمقًا.

في قلب مجلَّة نارٌ ونور، تكمن مهمة التنوير العميقة. تسعى جاهدة لجمعِ أقلام الداهشيِّين من أدباءٍ وشعراءٍ وأصحاب فكرٍ، شتَّتهم الأيام، وأبعدتهم المسافات، فأصبحوا غرباءً في عالمهم. تفتح لهم نافذةً للتعبير عن تجاربهم مع الحقيقة، تُلامس مشاعرهم بالتواصل العميق للرُّوح والنَّفس، تُحاكي إنسانيَّتهم بشكلٍ فعّال مع الحياة والوجود، ومشاركتهم معرفتهم الروحيَّة المُقتبسة من النبي الحبيب الهادي.

مجلَّة نارٌ ونور، نورٌ لا نار فيها، أنوارٌ ساطعةٌ باهرة تنشُرها أمام عقول قرائها، تقدِّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر والأفكار والرؤى الثقافية، بهدف إحياء وتجديد إيمان الإنسان بالله والقيم الروحيَّة، في الحقيقة والنَّفس والرُّوح، مفاهيمٌ لم يألِفوها، بعيدة عن الغوغائيَّة الكلاميَّة، مدعومة بالبراهين الساطعة، مؤيَّدة بالتزامٍ أخلاقي في السرد والنقل والشهادة. تفتح المجال في السؤال والجواب، للساعين وراء المعرفة، بالتواصل المُباشر مع أصحاب الآراء والكتابات والمقالات.

مجلَّة نارٌ ونور، توفّر منصَّة للفنانين، تُشجِّع المُبدعين، تفتح فرصة لعرض وتقديم وتسليط الضوء على إبداعهم في المجال الفنِّي، سواء كانت لوحات فنيَّة، صور فوتوغرافية، أو أي نوع آخر من الفنون التشكيليَّة. تُساعد في فهم خلفياتهم الفنيَّة وإلهام القرَّاء بتفاصيل حياتهم، تنشر مقالات وتحليلات تقييميَّة لأعمالهم، مما يساهم في إبراز الجوانب الفنيَّة والفلسفيَّة لها، ويساعد في توجيه القراء نحو فهم عميق للفن.

هيئة التحرير.

إقرأ أكثر

روابط

الحياة سفينة عظيمة رائعة تمخر في بحر ماؤه ألآثام , وأمواجه الشهوات البهيميّة , وشطآنه النهاية المؤلمة .

الدكتور داهش

Send Us A Message

error: Content is protected !!