سليمان جمعة
ادب الدكتور داهش يقدم رؤية جديدة الى العالم ..فنرى بها اشياء الوجود كمن نراها لاول مرة جديدة..
ونرى الى الانسان طاقات ان احسن الافادة منها عاش سلامه ..
لذا سنرى جسد النص له بنية تتناغم مع الرؤية
بلغة سهلة وتراكيب تبدعها الرؤية نفسها ..لذا ارى ان جمالية هذا الادب هو قول الحقيقة الروحية على لسان حركة الحياة المتخيلة للحقيقة/الفكرة التي يقدمها ..فالمفردات دقيقة والتراكيب لا تحكمها فزلكة او انزياحات انما هي صورة ناطقة لفاعلية المعنى وحياته..
فقوة السبك فيها تأتي من حقيقتها ..
كل ذلك متجسد في هذا النص من “#ضجعة الموت ” بطبعتها النثرية التي صدرت للدكتور داهش في الثلاثينيات بخط خطاط ماهر ..وكل نص فيها ترفده لوحة توازي الفكرة ..
____
النص
أيها الغريب أنظر
ها قد اجتازت روحي في جوف هذا الليل الصامت الرهيب
السهول الشاسعة؛ وانحدرت في بطون الاودية السحيقة؛
وها قد ارتفعت فوق قمم الجبال الشامخة الذاهبة في الفضاء ؛
ها إني أرى السماء قد فتحت لي أبوابها ؛
ها إني أحس بأن روحي تخترق أجواز الفصاء بسرعة رهيبة؛
ها إني أرى جنان النعيم الخالدة بأشجارها الباسقة الوارفة، ورياحينها الغضة العجيبة التي لم تكتحل بها عين بشرية الى الآن؛
وها هي معبودتي( ديانا) تعزف على قيثارها السحري الشجي،
والحواري الفاتنات يحتطن بها مصغيات
لعزفها الساحر.
#الدكتور داهش
“ضجعة الموت”
القسم الخامس ١٧
_____
#القراءة
“..ايها الغريب انظر “
كإعلان لبدء الرحلة ..
يضعنا في حال ترقب نحن المتلقين وذاك الغريب ..من هو ذاك الغريب ؟
لا يفصح عن هويته الا بالغريب ..غريب عن ارضنا .؟ غريب عنه؟
ولكن ينبهه مناديا لينظر
بعين روحه”سياله الروحي” ..الى وجود سيظهر امامه وامامنا..وسيكون التنبيه عند كل منظر او افق او فلك ..ب “هاء” التنبيه ..
من هو الذي ينادي وينبه؟
هو سيال سام يسري ويعرج الى السماء !
يجتاز في الليل الرهيب السهول والوديان …بصفاتها الهائلة
هذه الاشارة الى عالم كامل ..ب “ال التعريف” ..اي تتجاوز هذا المكان ..كل الارض..
يخبره ويخبرنا ..انه يسري افقيا ثم يرتفع فوق الجبال الشامخة ..فيكون الاسراء بعد الافقية عموديا .. والتنبيه يتتالي ..”ها إني” …
السرعة رهيبة ..يجتاز اجواز الفضاء ..وتفتح له السماء ابوابها ..يرى النعيم ..واشجاره الوارفة وازهاره الغضة ..ويخبرنا ان بشريا لم يصل قط الى هناك لترى عينه ذلك الجمال حيث حبيتبه ديانا ..تعزف على قيثارها
وحولها الحوريات ينصتن خاشعات لسحر النغم السماوي ..
اذاً ..تلك رحلة عروج من ارضنا الى عالم النعيم ..
لنفس تاقت الى حبيبها ..فأذن لها ..ان تعرج الى هناك ..
الرؤية جسدت لنا عالم الرحلة ودعانا ان نرى بعين سيالنا الروحي ما هو موجود اي حقيقة النعيم .. ..
هذا ما يريد ان يقوله النص ..
“الحقيقة الروحية” ..
ما الذي سمح لخياله ان يبدع هذه الحركة /الرحلة ..؟
هو اسراء”معراج” الانبياء..ليروا آيات الله في ما خلق ..
هذا الذي اسرى هو “سيال” للدكتور داهش..اذن له ان يزور سيالا له ساميا ..بتجسيد ربة الجمال ديانا “حبيبته”اي قسيمه الروحي كما كل الكائنات ..في عالم..نعيمي مادي ..
فلو ذهبنا الى الآية في القرآن الكريم :
سبحان من اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ..(ان الله هو العليم البصير)..
لرأينا ان النص يكاد يفسر تلك الآية ….
من افق الليل الرهيب اي من الظلمة الى نور النعيم
..افقيا ثم ارتفع ..اي ان الاسراء هو المعراج نفسه ايضا..
أي السير دون ان تراه عين الا من سمح له بذلك !
ولكنه اخبرنا ..ان هدفه ذاته الحبيبة ..
هناك مسجده الاقصى ..حيث لم يصل اليه بشري قط..والرحلة كانت بالسيال الروحي ..من مسجد الحرام ..الى اقصى مكان في السماء حيث “الحبيب ” .
اذاً ..وبرأيي الخاص
يكون المسجد الاقصى آخر مكان يسمح للذي يعرج به ان يصل اليه..
مثل “سدرة المنتهى “..
#الدكتور داهش له قاموسه الخاص الذي يجيبه لتشكيل حركة المعنى الذي يريد ايصاله بسهولة لان رؤيته واضحة وواسعة ..تبني من يتعرف اليها كائنا كونيا ..روحيا مؤمنا بعلاقته مع السماء ..
فشعرية نصه هي حياة الحقيقة يجسدها حركة ..نخالها خيالا ولكنها الحقيقة الساطعة ..
بهذا النص وحركتها تخيلت معراج النبي محمد ص
الروحي ..كيف اجتاز سياله الروحي الارض سهولا ووديانا وارتفع فوق الجبال ..بسرعة الروح الرهيبة واجتاز اجواز الفصاء حتى وصل الى منتهى ما سمح له : “المسجد الاقصى” الذي بارك الله حوله ..اي سدرة المنتهى ..
هذا هو عالم ادب الدكتور داهش المدهش ..الجميل الذي يلهم النفوس سموها فيرسمه..ويلهمها رقيها وتوقها الى سلامها مجتازة ليلها الرهيب الى النور حيث تعزف الذات السامية لحنها الشجي الساحر..
صورة عن النص من كتاب ضجعة الموت او بين احضان الابدية
الطبعة النثرية
للدكتور داهش
بين الدين والعولمة تقاربُ ثقافات واختلاف توجُّهات تؤثِّران على الحياة ببعديها الماديّ والروحيّ، رؤية طموحة تهدف لخلق عالمٍ موحَّد،
وكان معلم الصين الاكبر كونفوشيوس يتريض ذات يوم في أحد الجبال ومعه جمع من تلامذته ومريديه يستمعون قوله و يتلقون الحكمة منه ، فمروا بامرأة جالسة أمام قبر و هي تبكي بكاء موجعاً .
في عصر التقدُّم التكنولوجي والتطوُّر السريع، وتماشيَّاً مع الثورة الرقميَّة في طريقة نشر المعلومات، والتكيُّف مع إحتياجات العصر الرقمي وتحوُّل الصحافة التقليدية، برزت المجلَّة الإلكترونيَّة، تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنيَّة، وتربط الأفراد في جميع أنحاء العالم،كوسيلة إعلاميَّة وديناميكيَّة وتفاعليَّة لتوصيل المحتوى ومُشاركته مع أكبر عددٍ من القرَّاء، أصحاب العلم ومُحبِّي المعرفة والباحثين عن الحقيقة، في أقصر وقتٍ ممكن.
ومع ظهور هذا الكَّمِّ الهائل من وسائل الإعلام والتواصل العالمي والتبادل الثقافي، لنشر الثقافات ووجهات النظر والأفكار المتنوعة، وبغياب الرقابة والمهنيَّة والموضوعيَّة في النشر، كَثُرَ انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المُزيَّفة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية محو الأمية الإعلاميَّة، والحاجة الى الاعتبارات الأخلاقيَّة.
كان لا بُدَّ لنا من فتحِ نافذةً نطلُّ بها على هذا العالم المليء بالتحديَّات إثراءً للنسيج العالمي للفكر الإنسانيّ والتجربة الإنسانيَّة، بإنشاء مجلَّة فكريَّة ثقافيَّة هادفة، تتجاوز الحدود التقليديَّة، تحتضن ثراء الفكر وتوفّر منصَّة لتبادلِ الأفكارِ العميقة والمواضيع المثيرة للثقافة الإنسانيَّة، فكانت مجلَّة نارٌ ونور.
مجلَّة نارٌ ونور، ليس مجرَّد خيار؛ بل هو تعبير عن التزام وتقدير، عربون وفاء لصاحب الوعي الروُّحيّ، إلقاء الضوء على المفهوم الداهشيّ وإظهار الصورة الحقيقة لصاحبه، بنشر تعاليمه وكتاباته التي تجاوزت فيها مؤلَّفاته المئة والخمسين مُجلَّداً، صاحب الرسالة الروحيَّة التي تحمَّل في سبيلها الأمرَّين، غريبٌ في أرضٍ غريبة، يعيشُ الحياة المُثلى، يحمل على جراحه وآلامه نور الهداية للعالم. تدخل رِحاب معبده المُقدَّس لتقفَ وجهاً لوجه أمام الحقيقة الصَّادقة الصَّادمة.
مجلَّة نارٌ ونور، مساحةٌ يلتقي فيها العمق بالجوهر لتعزيز النمو الفكريّ، وتقديم نماذج للفكر والأدب الراقي، بعيداً عن سطحيَّة الكلمة في السرد الثقافي، وتفتح المجال واسعاً أمام القرَّاء بتوسيع وجهات نظرهم والإنخراط في تفكيرٍ يتخطَّى المعقول، كما تحفيزهم على التفكير والكتابة. وذلك من خلال نشر الأبحاث والدراسات والمقالات التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية والثقافية من منظورٍ إنسانيّ وروحيّ وتحليلها بشكلٍ أكثر عمقًا.
في قلب مجلَّة نارٌ ونور، تكمن مهمة التنوير العميقة. تسعى جاهدة لجمعِ أقلام الداهشيِّين من أدباءٍ وشعراءٍ وأصحاب فكرٍ، شتَّتهم الأيام، وأبعدتهم المسافات، فأصبحوا غرباءً في عالمهم. تفتح لهم نافذةً للتعبير عن تجاربهم مع الحقيقة، تُلامس مشاعرهم بالتواصل العميق للرُّوح والنَّفس، تُحاكي إنسانيَّتهم بشكلٍ فعّال مع الحياة والوجود، ومشاركتهم معرفتهم الروحيَّة المُقتبسة من النبي الحبيب الهادي.
مجلَّة نارٌ ونور، نورٌ لا نار فيها، أنوارٌ ساطعةٌ باهرة تنشُرها أمام عقول قرائها، تقدِّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر والأفكار والرؤى الثقافية، بهدف إحياء وتجديد إيمان الإنسان بالله والقيم الروحيَّة، في الحقيقة والنَّفس والرُّوح، مفاهيمٌ لم يألِفوها، بعيدة عن الغوغائيَّة الكلاميَّة، مدعومة بالبراهين الساطعة، مؤيَّدة بالتزامٍ أخلاقي في السرد والنقل والشهادة. تفتح المجال في السؤال والجواب، للساعين وراء المعرفة، بالتواصل المُباشر مع أصحاب الآراء والكتابات والمقالات.
مجلَّة نارٌ ونور، توفّر منصَّة للفنانين، تُشجِّع المُبدعين، تفتح فرصة لعرض وتقديم وتسليط الضوء على إبداعهم في المجال الفنِّي، سواء كانت لوحات فنيَّة، صور فوتوغرافية، أو أي نوع آخر من الفنون التشكيليَّة. تُساعد في فهم خلفياتهم الفنيَّة وإلهام القرَّاء بتفاصيل حياتهم، تنشر مقالات وتحليلات تقييميَّة لأعمالهم، مما يساهم في إبراز الجوانب الفنيَّة والفلسفيَّة لها، ويساعد في توجيه القراء نحو فهم عميق للفن.
هيئة التحرير.
الحياة سفينة عظيمة رائعة تمخر في بحر ماؤه ألآثام , وأمواجه الشهوات البهيميّة , وشطآنه النهاية المؤلمة .
الدكتور داهش