سامي واصاف
ما ان دعاني بعض الاصدقاء الاخوة الناشطين فكرياً وعقائدياً للمشاركة في الكتابة في مجلة النار والنور الالكترونية حتى ذهبت بي الذاكرة إلى مجلة بروق ورعود “ ٢٣ آذار ١٩٦٨ إلى ٢٣ تموز ١٩٦٨”،
مجلة داهشية فكرية أدبية علمية؛ و كان يقوم بتحريرها شلة من المفكرين الناشطين المليئين بالحماسة وألايمان بنشر الثقافة و إعلاء كلمة الحق، يعاونهم بعض من أساتذة الجامعات والكتاب.
كنت يومها في مقتبل العمر طالبا في الجامعة اللبنانية قسم الفيزياء،وكان لي شرف المشاركة بسلسلة من المقالات العلمية حول منشأ الكون واصل النظام الشمسي، التي ترتكز على النظريات والأبحاث العلمية المتوفرة حتى حين إصدار المجلة.
وكان الثقب الأسود وانفجار النجوم هو مقالي السادس للعدد السادس لبروق ورعود والتي اوقفت قبل صدور هذا العدد من قبل نقابة الصحافة المفترض انها حارسة الكلمة والمدافعة عن الحريات؛
كان ذلك بايعاز وضغط من الجهات المذهبية المتعصبة صاحبة التاريخ الزاخر بالاضطهاد والتنكيل بالمفكرين الشجعان الصادقين- وهذا ديدنهم مذ ما قبل الشهيد اسعد الشدياق،أمين الريحاني جبران خليل جبران ، المعلم مخايل مشاقة …وصولاً إلى انطون سعادة و الدكتور داهش وغيبوا أعمالهم الأدبية عن مناهجهم، وباشروا حملة شائعات محمومة للتعمية على العقائد الداعية إلى الايمان بكل الاديان ونبذ التعصب المذهبي وابتزاز المؤمنين بارزاقهم وحلالهم…
ضاق الصدر من جديد عن احتمال بروق ورعود وهي مجلة ثقافية فكرية فنية علمية، فيها صفحات قليلة تبحث بتجرّد في العقيدة الداهشية العابرة للمذاهب، وبباب معرفي محايدٍ منطقي حُرّ، فيه القارئ يسأل والدكتور داهش يجيب .
وكان لهم ما ارادوا…
وتوقفت بروق ورعود عن الصدور….
وتمضي الايام و تمر السنون “ ٢٧ عاماً”
ولكن جذوة بروق ورعود لا تزال متوقدة وإذا بنورها يطل من جديد في مجلة صوت داهش ” ١٩٩٥-٢٠٠٨ ” في منهاتن نيوورك مدينة الحريات الفكرية دون منازع .وقد ترأس تحريرها الدكتور غازي براكس كما عملياً لبروق ورعود واستمرت تصدر في نيويورك باللغتين العربية والإنكليزية ولسنوات، وكما كانت بروق ورعود فصوت داهش
ثقافية فكرية فنية غنية بالمواضيع والكتاب من مختلف المشارب؛
تعتمد الطباعة الراقية،
لا تبتغي الربح ،
لا تنشر الإعلانات ،
ثمنها رمزي،
استمراريتها وقف على المتبرعين الصامتين الذين لا يبغون الّا نشر الثقافة وكون هؤلاء قلّة وكون المجلة لا تلين للإغراءات فقد عجزت بعد ١٣ سنة عن الاستمرار….
وتمضي الايام ١٥ عشر عاماً على توقف صوت داهش…
ولكن نار بروق ورعود لا يخبو فاذا بنورها يتوهج من جديد عبر المنصة الكترونية:
“النار والنور “
والتي نرجو لها إتمام المسيرة و التوفيق في نشر الثقافة والقيم؛واعلاء كلمة حقٍ أرسى اصولها الدكتور داهش،الذي وقف حياته وتراثه على نشر مبادئ الايمان والفضيلة بأسلوب فني مرهف وارادة صلبة لا تلين وشجاعة عابرة للأوطان.
معتمداً الصدق والتجديد والاتقان
وقد حرص على تصميم كتبه
واخراجها بما يتوافق مع ثقافته الشاملة وحسه الفني المرهف ، ومن يقارن تطور طباعة الكتب العربية قبل ظهور كتب الدكتور داهش وبعدها يعرف اية ثورة خلقها هذا الرجل المعجزة في هذا المجال.
لذا نرجو للقائمين على هذه المنصة الإلكترونية بالتوفيق والإرادة الصلبة في إعلاء كلمة الحق
ان المسؤولية التي اختاروها وارتضوها جليلة وإنهم في هذا الخيار بين النار والنور . لذا نرجو لهم صلابة التصميم الصادق والمخلص الخلوص.
١٤-١-٢٠٢٤
من اضطلعَ على تاريخ البشريَّة من البدايات البدائيّة الى العصر الحديث وعلى امتدادٍ لآلاف السنين وما تحمله في طيَّاتها من انتشارٍ للعديد من الحضارات وما تضمَّنتها من تطوُّرٍ ثقافيّ وتكنولوجيّ، وتقدُّمٍ في العلوم والأدب والفنون،
الإلهاتُ الفاتناتُ
قلم مُجنح أشبه بفراشة ترفرف من زهرة إلى زهرة تجتني رحيقها ولقاحها، تتلهَّى أحيانًا وتتسلّى بالحديث مع الأزهار. أنا قلمٌ، تقول الفراشة للأزهار،
"فقال الربّ لقايين: «أين هابيل أخوك؟» فقال: «لا أعلم! أحارس أنا لأخي؟» فقال: «ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ اليّ من الارض."1
في عصر التقدُّم التكنولوجي والتطوُّر السريع، وتماشيَّاً مع الثورة الرقميَّة في طريقة نشر المعلومات، والتكيُّف مع إحتياجات العصر الرقمي وتحوُّل الصحافة التقليدية، برزت المجلَّة الإلكترونيَّة، تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنيَّة، وتربط الأفراد في جميع أنحاء العالم،كوسيلة إعلاميَّة وديناميكيَّة وتفاعليَّة لتوصيل المحتوى ومُشاركته مع أكبر عددٍ من القرَّاء، أصحاب العلم ومُحبِّي المعرفة والباحثين عن الحقيقة، في أقصر وقتٍ ممكن.
ومع ظهور هذا الكَّمِّ الهائل من وسائل الإعلام والتواصل العالمي والتبادل الثقافي، لنشر الثقافات ووجهات النظر والأفكار المتنوعة، وبغياب الرقابة والمهنيَّة والموضوعيَّة في النشر، كَثُرَ انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المُزيَّفة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية محو الأمية الإعلاميَّة، والحاجة الى الاعتبارات الأخلاقيَّة.
كان لا بُدَّ لنا من فتحِ نافذةً نطلُّ بها على هذا العالم المليء بالتحديَّات إثراءً للنسيج العالمي للفكر الإنسانيّ والتجربة الإنسانيَّة، بإنشاء مجلَّة فكريَّة ثقافيَّة هادفة، تتجاوز الحدود التقليديَّة، تحتضن ثراء الفكر وتوفّر منصَّة لتبادلِ الأفكارِ العميقة والمواضيع المثيرة للثقافة الإنسانيَّة، فكانت مجلَّة نارٌ ونور.
مجلَّة نارٌ ونور، ليس مجرَّد خيار؛ بل هو تعبير عن التزام وتقدير، عربون وفاء لصاحب الوعي الروُّحيّ، إلقاء الضوء على المفهوم الداهشيّ وإظهار الصورة الحقيقة لصاحبه، بنشر تعاليمه وكتاباته التي تجاوزت فيها مؤلَّفاته المئة والخمسين مُجلَّداً، صاحب الرسالة الروحيَّة التي تحمَّل في سبيلها الأمرَّين، غريبٌ في أرضٍ غريبة، يعيشُ الحياة المُثلى، يحمل على جراحه وآلامه نور الهداية للعالم. تدخل رِحاب معبده المُقدَّس لتقفَ وجهاً لوجه أمام الحقيقة الصَّادقة الصَّادمة.
مجلَّة نارٌ ونور، مساحةٌ يلتقي فيها العمق بالجوهر لتعزيز النمو الفكريّ، وتقديم نماذج للفكر والأدب الراقي، بعيداً عن سطحيَّة الكلمة في السرد الثقافي، وتفتح المجال واسعاً أمام القرَّاء بتوسيع وجهات نظرهم والإنخراط في تفكيرٍ يتخطَّى المعقول، كما تحفيزهم على التفكير والكتابة. وذلك من خلال نشر الأبحاث والدراسات والمقالات التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية والثقافية من منظورٍ إنسانيّ وروحيّ وتحليلها بشكلٍ أكثر عمقًا.
في قلب مجلَّة نارٌ ونور، تكمن مهمة التنوير العميقة. تسعى جاهدة لجمعِ أقلام الداهشيِّين من أدباءٍ وشعراءٍ وأصحاب فكرٍ، شتَّتهم الأيام، وأبعدتهم المسافات، فأصبحوا غرباءً في عالمهم. تفتح لهم نافذةً للتعبير عن تجاربهم مع الحقيقة، تُلامس مشاعرهم بالتواصل العميق للرُّوح والنَّفس، تُحاكي إنسانيَّتهم بشكلٍ فعّال مع الحياة والوجود، ومشاركتهم معرفتهم الروحيَّة المُقتبسة من النبي الحبيب الهادي.
مجلَّة نارٌ ونور، نورٌ لا نار فيها، أنوارٌ ساطعةٌ باهرة تنشُرها أمام عقول قرائها، تقدِّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر والأفكار والرؤى الثقافية، بهدف إحياء وتجديد إيمان الإنسان بالله والقيم الروحيَّة، في الحقيقة والنَّفس والرُّوح، مفاهيمٌ لم يألِفوها، بعيدة عن الغوغائيَّة الكلاميَّة، مدعومة بالبراهين الساطعة، مؤيَّدة بالتزامٍ أخلاقي في السرد والنقل والشهادة. تفتح المجال في السؤال والجواب، للساعين وراء المعرفة، بالتواصل المُباشر مع أصحاب الآراء والكتابات والمقالات.
مجلَّة نارٌ ونور، توفّر منصَّة للفنانين، تُشجِّع المُبدعين، تفتح فرصة لعرض وتقديم وتسليط الضوء على إبداعهم في المجال الفنِّي، سواء كانت لوحات فنيَّة، صور فوتوغرافية، أو أي نوع آخر من الفنون التشكيليَّة. تُساعد في فهم خلفياتهم الفنيَّة وإلهام القرَّاء بتفاصيل حياتهم، تنشر مقالات وتحليلات تقييميَّة لأعمالهم، مما يساهم في إبراز الجوانب الفنيَّة والفلسفيَّة لها، ويساعد في توجيه القراء نحو فهم عميق للفن.
هيئة التحرير.
الحياة سفينة عظيمة رائعة تمخر في بحر ماؤه ألآثام , وأمواجه الشهوات البهيميّة , وشطآنه النهاية المؤلمة .
الدكتور داهش