الدكتور محمد يونس
رغم مرور ٢٥٠٠ عام على رحيل المصلح العظيم كونفوشيوس، لا تزال تعاليمه وفلسفته العميقة الداعية إلى الفضيلة والأخلاق منارةً لكل باحثٍ عن الحق والحقيقة. فمبادئه السامية وأفكاره الروحانية كفيلة، لو طُبّقت بأي زمانٍ ومكان، أن تملأ الأرض عدلاً وألفةً وسلاماً وطمأنينةً، وأن ترتقي بالإنسان أخلاقياً وروحياً ليصبح ذلك “الإنسان المثالي” الذي حدّد كونفوشيوس صفاته وميزاته، والذي بدوره يكون نواة مجتمعٍ راقٍ ومثقفٍ ومتآلفٍ مع ذاته ومع محيطه من بشرٍ وحيوانات ونباتات.
قِلّةٌ تعرف أن كونفوشيوس، وقبل ميلاد المسيح بمئاتٍ من الأعوام، دعا إلى تطبيق القاعدة الذهبية، إذ قال مقولته الشهيرة: ” ما لا تتمناه لنفسك، لا تتمناه لغيرك”. وعندما سئل: “هل هناك كلمة واحدة يمكن أن تكون بمثابة قاعدة لممارسة الحياة؟” أجاب قائلاً: “أليس المعاملة بالمثل هي الكلمة؟”
فمن هو كونفوشيوس وما هي تعاليمه وفلسفته التي ألهمت فكر وضمير الملايين في الصين وخارجها لأكثر من عشرين قرناً؟
ولد بإسم ” كونج تشِيو” في عام ٥٥١ قبل الميلاد في ولاية “لو” (مقاطعة “شاندونغ” حالياً) في شرق الصين. وقد عرف بإسم كونفوشيوس والتي تعني حرفياً “كونج المعلم”. لقد أضفى الصينيون ما يشبه الخيال والاساطير على حياته المبكرة، إلاّ أن المتفق عليه هو أن أباه توفي وهو ما يزال طفلاً، فعاش مع أمه في فقرٍ وعوزٍ شديدين، وعمل في سنّ مبكر لإعالة عائلته. لكنه رغم ذلك، وجد متسعاً من الوقت لتعلم الموسيقى التي كان مولعاً بها طوال سنين حياته. تزوج في التاسعة عشرة من عمره، وتشير بعض المصادر انه انفصل عن زوجته في الثالثة والعشرين وأنه لم يتزوج بعدها.
في الثانية والعشرين من عمره، بدأ بالتعليم واتخذ داره مدرسة له، ويعتبر كونفوشيوس أول من أسس مؤسسة تعليمية خاصة في الصين لتعليم التاريخ والشعر وآداب اللياقة والكفاءة والاخلاق. أول درسٍ عنده كان الوضوح والامانة في التفكير والتعبير. وكان يعلم عبر طريقة السؤال والجواب كما علم فن الاستدلال (عملية استخلاص استنتاجات منطقية من مقدمات معروفة أو يفترض أنها صحيحة).
وفي شبابه التحق بخدمة الحكومة وكان ناجحاً في عمله، ولكن مع تقدّمه في السن بدأ يحسّ بالرغبة في تحسين نوع الحياة بين إخوانه من بني البشر. اعتاد على الطواف في المدن الصينية ليعظ الناس عن القيم الاخلاقية وكان كلّما حل على أمير مقاطعة يدعوه إلى السلوك الفاضل إذ كان يؤمن أن من واجب الحكومة خدمة الشعب تطبيقاً لمثلٍ أخلاقيٍ أعلى.
لقد شعر كونفوشيوس أن السماء استودعته رسالة إبراء العالم الصيني من أوجاعه.
في بادئ الامر، لم يكن له إلا عدد قليل من التلاميذ، ولكن سرعان ما انتشرت أخبار علمه وحكمته وصدقه وإخلاصه، فالتف حوله عدد كبير من التلاميذ والاتباع. وكان تعليمه شفهياً كسقراط، لذا فإن أكثر ما عُرف ونُقل عنه وصل عبر أتباعه وتلامذته. وقد أوصى تلاميذه ألاّ يهاجموا قط غيرهم من المفكرين وان لا يضيعوا وقتهم في دحض حججهم. وكان يطلب منهم اليقظة العقلية ويعرض بأخطائهم في رفق.
عيّن في أواخر القرن السادس قبل الميلاد كبير قضاة في ولاية لو. وتقول المصادر الصينية انه في عهده اجتاحت المدينة موجةً عارمة من الشرف والامانة. ورغم ما في هذا الإطراء من مبالغة، يقال ان وقتها: ” استحت الخيانة واستحى الفساد ان يطلا برأسيهما فاختبئا، واصبح الوفاء والإخلاص شيمة الرجال كما أصبح العفاف و دماثة الخلق شيمة النساء.”
وتحسن حال مقاطعة “لو” وقتها وكبر شأنها، فدبّت الغيرة والحسد والخشية من تعاظم نفوذها في المقاطعات المجاورة، فتدبر إحدى وزراء مقاطعة “تشي” مكيدة أوقعت بين دوق لو وكونفوشيوس. فاستقال من منصبه وبدأ عهد تجوالٍ ونفيِ وتشريد دام ١٣ عاماً. فأصبح المعلّم وتلاميذه مغضوباً عليهم في وطنهم وأخذوا ينتقلون من إقليم الى آخر كمبشّرين متجولين، وتعرّضوا للأذى والحرمان حتى كادوا ان يموتون جوعاً.
ورغم ذلك رفض كونفوشيوس عرضاً من دوق ولاية (وی) لرئاسة حكومته لأنه لم تعجبه مبادئه.
فجسّد في رفضه هذا صدقه وإخلاصه لمبادئ الفضيلة والسير في طريق الحق والحقيقة معانياً الفقر والجوع والعذاب وشظف العيش. وهو القائل ” لن أبالي مطلقاً اذا لم أشغل منصباً كبيراً، و إنما الذي أعنى به أن أجعل نفسي خليقاً بذلك المنصب الكبير، ولا يهمني قط ان الناس لا يعرفوني ولكني أعمل على ان اكون خليقاً بان يعرفني الناس”.
ولكنّ اضطهاده الحقيقي تمثّل في رفض الناس والحكّام لتعاليمه ممّا أثر في نفسيته وأحزنه وأجبره على الطوفان والتجوال علّه يجد من يتقبّل تعاليمه ويسير عليها.
ولما بلغ كونفوشيوس الـ٦٩ من عمره، تربع على عرش “لو” دوقٌ آخر، فأرسل إليه يدعو إلى وطنه بعد سنين التشرد والهجرة، فقضى الاعوام الخمسة الباقية من عمره عيشةً بسيطة ومتواضعة، ولكنه كان معززاً مكرماً، يسدي النصائح الى الحكام والزعماء، مقضياً وقته في عزلةٍ أدبية وفكرية.
ومات كونفوشيوس في الـ٧٢ من عمره في أحد أيام عام ٤٧٩ قبل الميلاد. ويقال أنه كان يغني في صباح ذلك اليوم:
“سَيُدكّ الجبل الشاهق دكّاً
وتتحطّم الكتلة القوية
ويذبل الرجل الحكيم كما يذبل النبات”.
ومن صفات كونفوشيوس التي عرف بها:
– كان صادقاً ومخلصاً.
-كان محافظاً ويحن إلى الماضي.
– كان محبّاً كبيراً للعلم والفنون.
-كان متواضعاً في عظمته ويرغب في أن يكون في حسن السمعة والمناصب الرفيعة، ولكنه رفض عدة مرات مناصب مهمة عرضت عليه من رجال بدا له أن حكومتهم ظالمة.
-كان يبذل ما بوسعه للحد من قوة الغرائز والشهوات وكبح جماحها عبر عقيدته المتزمتة والصارمة.
-كان شديد المراعاة للمراسم ولقواعد الآداب والمجاملة.
– عرف عنه هذه الفضائل: لا يجادل وفي عقله حكم سابق مقرر، لا يتحكم بالناس أو يفرض عليهم عقائده، لم يكن عنيداً أو أنانياً.
فلسفته ومبادئه:
يجب دائما” النظر إلى تعاليم كونفوشيوس من زاوية الخلفية الاجتماعية والاخلاقية العامة التي كانت تمر بها الصين في ذلك الوقت. فقد ساد ذلك الزمان تحلّلٌ للوضع الأسري، بالإضافة إلى إنتشار مخيفٍ للفوضى وما يرافقها من إنحدارٍ في القيم الاخلاقية والإنسانية.
وكان يؤمن أن الفوضى التي سادت عصره كانت في جوهرها فوضى خلقية، وعلاجها هو البحث الجدي عن المعرفة التي تؤدي بدورها الى الوعي، فيتبع ذلك تطهير القلب وتهذيب النفس ثمّ الصدق والاخلاص في القول والعمل. وهذا الرقي الذاتي يصبح أساساً لتنظيم حياة الأسرة على أساسٍ صالحٍ وقويم، ممّا يؤدي في آخر المطاف الى تنظيم أمور الولاية والدولة بأكملها على أسسٍ فاضلة تعود بالخير والطمأنينة والاستقرار على الجميع.
إن الكونفوشيوسية تشبه البوذية والمسيحية والاسلام في دعوتها وجهودها لتحويل ما جبلت عليه الطبيعة البشرية من عنفٍ ووحشية وكراهية وميل إلى السوء إلى رقّة وعطف ومحبّة وميل إلى الفضيلة.
يقوم مذهب كونفوشيوس على حب الناس وحسن معاملتهم والرقة في الحديث والأدب والخطاب، وعلى نظافة اليد واللسان وعلى إحترام الأكبر سناً ومقاماً وتقديس الأسرة. وقاعدته الأساسية كانت أن الأخلاق مبنية على العطف الفياض على الناس أجمعين.
وكان يركز على فكرة الإلتزام الذاتي وتأمّل الحياة والطبيعة ليعيش الإنسان بتناغمٍ معها ومع محيطه. شدّد كونفوشيوس على أهمية التعليم كأساس للمواطن الصالح. ومن أقواله الخالدة : “التعلم دون تفكير جهد ضائع، والتفكير دون تعلم أمر خطير.”
وغالباُ ما تحدث كونفوشيوس عن “الإنسان المثالي” أو “الإنسان الأسمى” والذي حدّد صفاته وميّزاته وكان يدعو ويعلّم تلاميذه ويرشدهم ليصبحوا ذلك الإنسان.
فالإنسان المثالي في نظره:
-“يخشى ألاّ يصل إلى الحقيقة ، محبّاً للعلم والمعرفة، ذو ذکاء وذو خلق. وقوام الأخلاق عنده هو الإخلاص. وهو يعمل قبل أن يتكلّم. يتحرك بحيث تكون حركاته لجميع الاجيال طريقاً عاماً..”.
– “لا يغضبه ان يسمو الآخرين، لا يبالي أن يفتري عليه الناس ولا يكيل المدح جزافاً، جادٌ في سلوكه ، بشوش لطيف ويصون نفسه من التبذّل”.
وكان يقول “إن الذي يبحث عنه الإنسان الأسمى هو ما في نفسه، أما الإنسان المنحط فيبحث عمّا في غيره.”
وكان يتجنّب كونفوشيوس الخوض في الماورائيات وما هو وراء الطبيعة. ومن أقواله: ” اذا كنت عاجزاً عن خدمة الناس فكيف تخدم أرواحهم. وإذا كنت لا تعرف الحياة فكيف يتسنى لك ان تعرف شيئاً عن الموت.” فكان الإنسان وحيه الوحيد وهمّه الأساس ساعياً لرسم طريق الخلاص له في هذه الحياة العابرة.
من أهم أفكار كونفوشيوس هي تلك التي تتناول العلاقة بين الحكومة والشعب. وهي عابرة للزمان والمكان بسموها وعمقها وأهميتها في تحسين ظروف عيش الانسان أينما حلّ وأينما كان.
فهو يكره الظلم والاستبداد والطغيان، ويؤمن أن هدف الحكومة الأساس هو خدمة الشعب، وأن الحاكم يجب أن يكون ذا أخلاق عالية ومّتبعاً للمثل العليا.
وكان يعتبر ان الشعب هو المصدر الحقيقي للسلطة السياسية وأي حكومة لا تحظى بثقة الشعب ستسقط لا محالة. ومن كتاب “إنجيل كونفوشيوس” ورد أنه عندما سأله أحد تلاميذه عن الحكم قال له: “(لا بد للحكومة) من أن تحقق أموراً ثلاثة ، أن يكون لدى الناس كفايتهم من الطعام ، وكفايتهم من العتاد الحربي ، ومن الثقة بحكامهم”. فقال تلميذه: “فإذا لم يكن بد من الاستغناء عن أحد هذه الشروط ، فأي هذه الثلاثة يجب أن تتخلى عنه أولاً؟” فأجاب المعلم: “العتاد الحربي”. وسأله مرة أخرى: “وإذا كان لا بد من الاستغناء عن أحد الشرطين الباقيين فأيهما يجب أن تتخلى عنه؟”.
فأجاب المعلم: «فلنتخل عن الطعام ؛ ذلك أن الموت كان منذ الأزل قضاء محتوماً على البشر ، أما إذا لم يكن للناس ثقة (بحكامهم) فلا بقاء (للدولة)».
والمبدأ الاساسي الذي يقوم عليه الحكم هو نفس المبدأ التي تقوم عليه الأخلاق: “الإخلاص”.
فالحاكم يجب ان يكون المثال الأول في القدوة الصالحة والسلوك الحسن، حتى يحذو الناس حذوه ويعم السلوك الطيب أفراد الشعب. و الحكم الحسن للحكام هو “ألا تكون لهم قدر المستطاع علاقات خارجية، وأن يعملوا على أن يكتفوا بغلاتهم عن غلات غيرهم، يقللون من ترف بطانة الملوك ويعملون على توزيع الثروة على أوسع نطاق ثم يخففون العقاب وينشرون التعليم”.
وفي كرهه للإستبداد والظلم وخطره، يقال أنه حين كان كونفوشيوس وتلامذته يطوفون في أنحاء الصين،
أبصروا عجوزا تبكي بجوار أحد القبور. فأرسل إليها كونفوشيوس أحد تلاميذه يسألها عن سبب بكائها وحزنها، فأجابته قائلة: «إن والد زوجي قد فتك به نمر في هذا المكان ، ثم ثنى النمر بزوجي ، وهاهو ذا ولدي قد لاقى هذا المصير نفسه». ولما سألها كونفوشيوس عن سبب إصرارها على الإقامة في هذا المكان الخطر، أجابته قائلة: «ليس في هذا المكان حكومة ظالمة». فالتفت كونفوشيوس إلى طلابه وقال لهم: «أي أبنائي اذكروا قولها هذا ؛ إن الحكومة الظالمة أشد وحشية من النمر المفترس».
أثر كونفوشيوس وتراثه:
تبنى الصينيون بعد موت كونفوشيوس عقيدته وأفكاره وتعاليمه، والتي أصبحت سبيلاً إلى المناصب العامة. كما أصبحت الطائفة الكونفوشيوسية هي الأقوى وانتشرت المدارس التي تعلم مبادئه. وكان هناك طائفة أخرى ناهضتها وتدعى طائفة “القانونيون” والتي اعتمدت على ان مبدأ القانون وطاعة الناس له هو ما يبعد الاخطار وليس تلك المبادئ المثالية التى تتبنى تحسين الذات وقدوة الحاكم الأخلاقية.
لكن فلسفة كونفوشيوس كتب لها النصر في آخر المطاف. ورغم محاولة القانونيين حرق الكتب وطمس معالمها، إلا أن ذلك جعلها مقدسة أكثر، ومع مجيئ أسرة هان للحكم، أُ٦مر ان تدخل مبادئ الكونفوشيوسية في برامج تعليم الشباب وأصبحت الدين الرسمي للدولة. كما أشيدت المعابد والهياكل لكونفوشيوس وقدمت له القرابين.
وكان لحفيد كونفوشيوس الفيلسوف “تزوتس” دوراً مهم في نشر فلسفة جدّه. كما يعتبر تلميذ “تزوتس” الفيلسوف منشيس من أهم فلاسفة الكونفوشيوسية والذي ساهم في تطويرها ونشرها.
ظلت الكونفوشيوسية ما يقارب الألفين من الأعوام تسري في دماء وقلوب الصينين تنتقل من جيل إلى جيل وتساهم في بناء حياة إجتماعية متآلفة ومبنية على أسس أخلاقية متينة.
وقد خف وهج مذهب كونفوشيوس مع ثورة الفلاحين ومع سيطرة النظام الشيوعي في الصين، لكنه عاد في السنوات الأخيرة ظهوره وتقديره من جديد.
كتب وأقوال:
تقسم كتب الكونفوشيوسية الى مؤلفات كونفوشيوس الخمسة والتي سميت الكلاسيكيات الخمسة:
1- كتاب الأغاني أو الشعر.
2- كتاب التاريخ.
3- كتاب التغييرات.
4- كتاب الربيع والخريف.
5- كتاب الطقوس أو التقاليد.
وقد قام تلاميذه بعد ذلك بوضع أربعة كتب أخرى، لتلخيص وشرح هذه الكتب الخمسة، وهي:
1-محاورات كونفوشيوس (عرف أيضاً بإنجيل كونفوشيوس أو تعاليم كونفوشيوس)
2- كتاب “التعليم العظيم”
3- كتاب ” عقيدة الوسط”
4- ” كتاب منشيس” ويعتبر خاتمة الآداب الصينية القديمة
ومن أقوال كونفوشيوس:
– عدم الرجوع عن الخطأ هو خطأ أكبر.
– لست حزيناً لأن الناس لا تعرفني، ولكني حزين لأنني لا أعرفهم.
-لا يهم أنك تمشي ببطأ، لكن المهم هو ألاّ تتوقف.
– مهما كنت تعتقد أنك مشغول، لا بد أن تجد وقتاً للقراءة، وإلا سلم نفسك للجهل الذي قضيت به على نفسك.
– كنت أحسد من له حذاء إلى أن رأيت رجلا بلا قدمين .
– أذا أردت سماع أصوات الطيور ..لا تشتري أقفاصا بل أغرس الأشجار.
-إذا كنت تخطط لعام واحد فازرع الأرز ، وأذا كنت تخطط لعشرة أعوام فأزرع الشجر ، أما اذا كنت تخطط لمائة عام فقم بتعليم الأطفال.
– قبل أن تبدأ في رحلة إنتقام، أحفر قبرين أولاً.
– العظيم ينظر الى الحق، أما الحقير فينظر إلى الكسب.
– إن المعرفة الحقيقة هي أن تعرف مقدار جهلك.
-الحكومة هي كل ما هو عادل ومستقيم. فإنْ حكمت بعدلٍ واستقامة فمَن يجرؤ على ألاّ يكون عادلاً ومستقيماً.
– الرجل النبيل معتدل في أقواله، لكنه يتخطى ذلك في أعماله.
-إعلم أن أحسن الطرق هو طريق الحق ، وأن أرسخ أساس ، هو ما بني على مكارم الأخلاق ، وأن خير المبادئ جميعا هو ما قام على التراحم والانسانية.
المراجع:
-كتاب ” إنجيل كونفوشيوس”
– كتاب ” التعليم العظيم”
– https://ar.m.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%88%D9%86%D9%81%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%B3
-https://en.m.wikipedia.org/wiki/Confucius
إمَّا أن تكتبَ شيئاً يستحقُ القراءة ،أو أن تفعلَ شيئاً يستحقُ الكتابة
ضللت طريقي وأنا أسير في الغابة ذات يوم. كان النهار يميل نحو الأفول، فرحت على عجلٍ أبحث عن طريق العودة.
في اليوم السابع من شهر كانون الأول عام ١٩٤١ ، هاجمت قوات الإمبراطورية اليابانية مرفأ “بيرل هاربر” الأمريكي.
تُهيبُ بِنا تعاليم الدكتور داهش الجهاد الرّوحِيّ المُسْتَمِر. فإنّه مهما حاوَل البَشَر فَرْضَ قوانين وَسَنّ شرائع واتّباعِ أعْراف،
في عصر التقدُّم التكنولوجي والتطوُّر السريع، وتماشيَّاً مع الثورة الرقميَّة في طريقة نشر المعلومات، والتكيُّف مع إحتياجات العصر الرقمي وتحوُّل الصحافة التقليدية، برزت المجلَّة الإلكترونيَّة، تتجاوز الحدود الجغرافية والزمنيَّة، وتربط الأفراد في جميع أنحاء العالم،كوسيلة إعلاميَّة وديناميكيَّة وتفاعليَّة لتوصيل المحتوى ومُشاركته مع أكبر عددٍ من القرَّاء، أصحاب العلم ومُحبِّي المعرفة والباحثين عن الحقيقة، في أقصر وقتٍ ممكن.
ومع ظهور هذا الكَّمِّ الهائل من وسائل الإعلام والتواصل العالمي والتبادل الثقافي، لنشر الثقافات ووجهات النظر والأفكار المتنوعة، وبغياب الرقابة والمهنيَّة والموضوعيَّة في النشر، كَثُرَ انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المُزيَّفة، مما يُسلِّط الضوء على أهمية محو الأمية الإعلاميَّة، والحاجة الى الاعتبارات الأخلاقيَّة.
كان لا بُدَّ لنا من فتحِ نافذةً نطلُّ بها على هذا العالم المليء بالتحديَّات إثراءً للنسيج العالمي للفكر الإنسانيّ والتجربة الإنسانيَّة، بإنشاء مجلَّة فكريَّة ثقافيَّة هادفة، تتجاوز الحدود التقليديَّة، تحتضن ثراء الفكر وتوفّر منصَّة لتبادلِ الأفكارِ العميقة والمواضيع المثيرة للثقافة الإنسانيَّة، فكانت مجلَّة نارٌ ونور.
مجلَّة نارٌ ونور، ليس مجرَّد خيار؛ بل هو تعبير عن التزام وتقدير، عربون وفاء لصاحب الوعي الروُّحيّ، إلقاء الضوء على المفهوم الداهشيّ وإظهار الصورة الحقيقة لصاحبه، بنشر تعاليمه وكتاباته التي تجاوزت فيها مؤلَّفاته المئة والخمسين مُجلَّداً، صاحب الرسالة الروحيَّة التي تحمَّل في سبيلها الأمرَّين، غريبٌ في أرضٍ غريبة، يعيشُ الحياة المُثلى، يحمل على جراحه وآلامه نور الهداية للعالم. تدخل رِحاب معبده المُقدَّس لتقفَ وجهاً لوجه أمام الحقيقة الصَّادقة الصَّادمة.
مجلَّة نارٌ ونور، مساحةٌ يلتقي فيها العمق بالجوهر لتعزيز النمو الفكريّ، وتقديم نماذج للفكر والأدب الراقي، بعيداً عن سطحيَّة الكلمة في السرد الثقافي، وتفتح المجال واسعاً أمام القرَّاء بتوسيع وجهات نظرهم والإنخراط في تفكيرٍ يتخطَّى المعقول، كما تحفيزهم على التفكير والكتابة. وذلك من خلال نشر الأبحاث والدراسات والمقالات التي تتناول مختلف المواضيع الفكرية والثقافية من منظورٍ إنسانيّ وروحيّ وتحليلها بشكلٍ أكثر عمقًا.
في قلب مجلَّة نارٌ ونور، تكمن مهمة التنوير العميقة. تسعى جاهدة لجمعِ أقلام الداهشيِّين من أدباءٍ وشعراءٍ وأصحاب فكرٍ، شتَّتهم الأيام، وأبعدتهم المسافات، فأصبحوا غرباءً في عالمهم. تفتح لهم نافذةً للتعبير عن تجاربهم مع الحقيقة، تُلامس مشاعرهم بالتواصل العميق للرُّوح والنَّفس، تُحاكي إنسانيَّتهم بشكلٍ فعّال مع الحياة والوجود، ومشاركتهم معرفتهم الروحيَّة المُقتبسة من النبي الحبيب الهادي.
مجلَّة نارٌ ونور، نورٌ لا نار فيها، أنوارٌ ساطعةٌ باهرة تنشُرها أمام عقول قرائها، تقدِّم مجموعة متنوعة من وجهات النظر والأفكار والرؤى الثقافية، بهدف إحياء وتجديد إيمان الإنسان بالله والقيم الروحيَّة، في الحقيقة والنَّفس والرُّوح، مفاهيمٌ لم يألِفوها، بعيدة عن الغوغائيَّة الكلاميَّة، مدعومة بالبراهين الساطعة، مؤيَّدة بالتزامٍ أخلاقي في السرد والنقل والشهادة. تفتح المجال في السؤال والجواب، للساعين وراء المعرفة، بالتواصل المُباشر مع أصحاب الآراء والكتابات والمقالات.
مجلَّة نارٌ ونور، توفّر منصَّة للفنانين، تُشجِّع المُبدعين، تفتح فرصة لعرض وتقديم وتسليط الضوء على إبداعهم في المجال الفنِّي، سواء كانت لوحات فنيَّة، صور فوتوغرافية، أو أي نوع آخر من الفنون التشكيليَّة. تُساعد في فهم خلفياتهم الفنيَّة وإلهام القرَّاء بتفاصيل حياتهم، تنشر مقالات وتحليلات تقييميَّة لأعمالهم، مما يساهم في إبراز الجوانب الفنيَّة والفلسفيَّة لها، ويساعد في توجيه القراء نحو فهم عميق للفن.
هيئة التحرير.
الحياة سفينة عظيمة رائعة تمخر في بحر ماؤه ألآثام , وأمواجه الشهوات البهيميّة , وشطآنه النهاية المؤلمة .
الدكتور داهش