Logo

، إنَّ آثارنا تدلُّ علينا

أحبّ الكتب حبّ السُّكارى للخمر، لكني كلَّما أزددتُ منها شربا" زادتني صحوا"
الدكتور داهش

مُختارات

صلاة الفجر

اتبعيني ، يا بنيتي ، لنذهب الى ( بيت الله ) ،

لنرفع له الصلوات الصادرة من قلوب أفعمتها الأحزان ،

وتآمرت عليها حوادث الزمان .

هيا أسرعي ، يا بنية ، قبل أن ينبلج الفجر،

وترسل عذارى النور خيوطهن المتألقة ،

فتبدد هذه الظلمات المتكاثفة .

هيا بنا ، يا بنية .

أنصتي جيداُ…

ألا تسمعين خطوات النسوة وهن يسرن بسكون في الطريق

ذاهبات حيث ( بيت الله ) ،

ليقدمن له طلباتهن ،

ويستغفرن عما أتينه من ذنوب وأسرار خفية ،

يكتمنها حتى عن أنفسهن ؟

أسرعي ، أسرعي ، فإن الدقائق تمر متتابعة ،

وتلحق بها الساعات متسابقة .

هيا قبل أن يولي الوقت ، ويأتي الفوات .

هلمي لنضرع إلى العليّ ليباركنا .

أسرعي ، أسرعي . ما بالك تتوانينْ ؟

أولا تعلمين أنه لم يبق من الوقت سوى مدة قصيرة لا تفي بما ينبغي ؟

دعينا نجثو في المعبد باحترام ،

ونقدم الى الخالق ، عزّ وجلّ ،

كل ما تجيش به دخائلنا من ميول ورغائب مكنونة مستورة .

في الصلاة عزاء، يا بنية .

إنها فرصة لا تتاح كل حين ،

فأسرعي معي ، هيا ، هيا

حيث نشعر بالسعادة تتملكنا بعد ذلك .

لنترك شرور هذا العالم وما فيه عند تطلع قلوبنا الى السماوات .

لنتناس الهموم والأتراح والمنغصات وكل ما في هذه الحياة .

لننس ويلاتها وشرورها ،

لننس آثامها وغرورها .

لنتناس كل شيء ، يا بنيتي ، ونتجه نحو القدير ،

فنشعر ببردِ السلامة والسكينة يُخيمان فوق رؤوسنا ،

ونستشفَ العذوبة الروحيَّة ،

وتستكين قلوبنا المتألمة من هذه الحياة ،

فنسعد ، وإن كنا ما نزال بعد في الحياة .

أنصتي جيداً… إنها أناشيد سماوية !

إنهم يرفعون كلماتهم (المصوغة) في قالب شعري

يسبحون بها خالق السماوات ، وباسط الأرض ،

كي يغفر لهم ما أتوه من أعمالٍ يستحقون عليها الحساب .

أنظري إلى عيونهم كيف أقفلت ،

وتمعني في ملامح وجوههم ، وفي أسارير جباههم ،

إنها تدل على خشوع مُتناه كليّ أمام الخالق العظيم .

فلنخشع ، يا بنيتي ،

ولنضرع إلى الله كي يزيل عنا هذه الأوزار المُثقلة بها ذواتنا من ساعة ولادتنا إلى ساعتنا الحالية،

وحتى يأتينا داعي الموت فنذهب إلى حيث ينتظرنا العقاب .

أسجدي ، أسجدي ، أيتها الطاهرة ،

لأنك ما تزالين صغيرة السن ، يا طفلتي العزيزة .

ليتني مثلك ، يا فتية !

إنك ما تزالين نقية ،

فاحرصي على طهارتك كي تبقي كالحمامة الوديعة .

لا تدعي الشرَ يتغلب عليك ، يا بنية ،

لا ، لا ، وأبعدي الأفكار الرديئة إذا ما ساورتك .

ها هي خيوط الفجر قد ابتدأت ترسل أشعتها النورانيّة ،

فتبدّد الظلمات المُكتنفة الهيكل .

أكملي صلاتك ، يا بنيتي ،

قبل أن يعمَ النور أرجاء هذا المكان المقدس .

أنظريهم يغادرون أماكنهم مُسرعين ، بعد أن أنهوا فروضهم الدينية .

ها قد احتلّ النور أرجاء المعمور ،

وها قد لبس المعبد حلَة بهاءٍ ، وسطوعٍ وصفاء !

فهيا بنا ، يا بنية ، نرجع إلى منازلنا .

ويا لحياة الانسان !

إنها أحلام تمرُ بنا ونحن لا ندري !

أنظري ، ألم نكن ، قبل أن نجيء الى هذا المكان ،

نرى الظلام يعمُ الأرجاء ؟

ولكن انظريه أين هو الآن !

ها قد تبدد وكأنَه ما كان !

وهكذا سيحلّ في المساء ، كما اعتاد ، وسيولي هذا النهار .

وهكذا حياتنا تنقضي !

فما أشبهها بتوالي الأيام ، وكرور الأعوام !

                                                       القدس ، 27 كانون الثاني 1934

إقرأ أكثر

موسيقى الأيام الآتية

حياة الدكتور داهش

في القدس , مدينة الانبياء , ولد الدكتور داهش , في مطلع حزيران سنة 1909

الحلم الهابط إلى أرض البشر

و ذاعت الانباء في جزيرة الاحلام السعيدة معلنة أن الكاعب الهيفاء أحلام ستغادر الجزيرة الحالمة المجاورة للمجرة و التي يحتاط  بفراديسها الخلابة ملايين من النجوم السابحة في فلكها العجيب…

صلاة النبي الحبيب الهادي

يا أَبي وأَبا البرايا

إِرحم ضعفنا الموروث

هدف المجلّة

كنت أحب أن أقرأ لك ما كتبه أحد مؤرّخي الإفرنج عن النبي عزرا وتحميا، ومع أنّ هذا الكتاب موجود لديّ ولكنّني لا أعلم مكانه بين هذه الألوف العديدة من الكتب التي تراها في هذه المكتبة الكثيرة الرفوف والطبقات.

فإذا كنت موهوباً من الناحية الروحية ، فساعدني لمعرفة المكان الموضوع فيه هذا الكتاب لاستخرجه وأطالع بعض فصوله أمامك.

وهنا التفت إليّ المستر أوليفر وتابع حديثه قائلاً:

لا يمكنك أن تتصوّر يا مستر دمّوس عن العجب الشديد الذي أصبت به أنا وأمين أفندي نمر عندما شاهدنا الدكتور داهش يهب من مكانه واقفاً ويذهب بسرعة إلى أحد رفوف المكتبة ويستخرج منه الكتاب المطلوب بكلّ بساطة كأنّه يعرف كل كتاب والمكان الذي نسق فيه. وصدّقني مع أنّني أنا صاحب المكتبة ومع أنّني أضع هذه الكتب المعروفة لديّ في أماكنها منذ خمسين عاماً ونيّف، فإنّني حتى ولو كنت أعرف أين هو الكتاب الذي طلبته، وأحببت إخراجه لما تسنّى لي ذلك بمثل هذه السرعة العجيبة، ولكان عليّ أن أقف وأفتّش مدّة دقيقة أو نصف دقيقة على الأقلّ لأتمكّن من إخراجه دون سواه نظراً لكثرة الكتب واكتظاظها بعضها أمام البعض أما داهش فإنّه أخرجه بلمحة خاطفة وعاد به وجلس في مكانه كأنّه لم يقم بأمر جليل يستحقّ الدهشة الفائقة.

إقرأ أكثر

روابط

لو كانت الحقيقة وشقيقتها العدالة تقطنان هذا العالم , لكانت الأرض ترفل بحلل من السعادة ولسادت الطمأنينة هذا الكون .

الدكتور داهش

2023 © All Rights Reserved

Alexandria, Virginia 

info@lightandfire.net